د . جمال السامرائي
إن تدارك الحالة النفسية للإنسان ضمن معطيات الواقع
أعطى له الشكل الكامل في التعبير عن مكنونه الذاتي في علاقاته الآنية غير المحدودة
، فحين يعمد الإنسان إلى تصور حالات تداعٍ يخضع لها وبالتالي فان هذا الخضوع هو
بالذات خضوع للظواهر الطبيعية المرئية ( غير المفهومة ) ، كحالات الخسوف والكسوف
والظواهر الكونية الأخرى مما أعطى له ( أي الإنسان ) المبرر الذاتي للتحرك لبناء
علاقات جدلية في ذاته المقهورة ( نتيجة للاستلاب الحاصل في التناقض بين ما يشاهده
وبين عقليته التي لا تتحمل تفسيرات غير منظورة لذلك ) فان هذا المبرر هو الأساس في
البناء الحتمي للظواهر المصطنعة لرد ( فعل ) متوقع حدوثه وعليه فان رد الإنسان كان
في موضع الدفاع والابتعاد عن (الشر) القادم من المجهول ، فاصطناع ظواهر واقعية
أعطيت لها مدلولات قدسية في كل حضارات العالم كصنع الآلهة والسجود لها وتقديس
النهر كما في حضارة وادي الرافدين والنيل بعد ذلك .
وفي نصوص شريعة حمورابي تجسدت المواد القانونية بصورة
قطعية ( الذهاب إلى النهر ) ، هذا النهر المقدس له دلالات نفسية بالدرجة الأولى
وان هذا الخوف نابع من الأيمان الشديد بقدرة (النهر) على معالجة الأمور المتعلقة
بالاتهام (بالسحر والسرقة والزنا …
الخ ) .
(( ومن هنا تفاقم خوف العراقيين القدامى من النهر الذي
يلتقم ظالمهم ومظلومهم على السواء ، ومن الكائن المجهول المخيف الذي يتربص للضحايا
في أعماق النهر ، ولذلك كان نتيجة هذا الرعب المشروع ان يعبدوا –
كما يقول عالم الآشوريات ل. دبلايورت –
آلهة الماء ( نينا ) وان يرمزوا لها سمكة في وسط حوض وأن يشيدوا لها هيكلا في (
لجش ) وأن يكرسوا لها إحدى ضواحي هذه المدينة الخالدة )) (1)
وعليه تم استعمال المفاهيم الواقعية نحو فهم (الواقع)
من خلال الأساطير التي تضم بين دفتيها ( على الأغلب ) تعامل الحيوانات بصورة
(خارقة) مع البشر أو الآلهة ، فأصبحت لهذه الحيوانات ( التي تحمل في طيات وجودها
خوارق ) رموزاً خرافية ضمن نطاق محدود تحرك من خلالها أبناء الحضارات لرسم الأشكال
الخيالية في الكهوف أو على الصخور لحيوانات متميزة ( كالثور المجنح) أو أشكال حية
لإنسان نصفه حيوان .
ومن هنا نشأ اعتقاد لدى سكان حضارة وادي
الرافدين بوجود العفاريت والأرواح الشريرة داخل الكيان المادي للإنسان وما حوله ،
وكان اعتقادهم ناشئا من ان هؤلاء الجن والعفاريت هم أبناء الآلهة .. ولا يمكن
التخلص من شرورهم وبالتالي كان جميع أهالي بابل يؤمنون بالأسطورة القائلة :
( ان من يمشي بلا اله في الشارع سيكون العفريت دثاره )
(2)
بالإضافة إلى كونها ربطا غير واضح بين نفسية الإنسان
وبين الرعب الذي سكن داخله من هذه الشخصيات المبهمة وبالتالي كانوا يؤمنون بأن
العفاريت ( قد يجعلون المسافرين يتنبهون إلى وجودهم فيتعقبون خطواتهم وهم لا
يستطيعون دخول البيت أو الصفير أو التمتمة أو قلب الأشياء رأسا على عقب ) (3)
ولذلك بدأ أبناء الرافدين معرفة
الأمور الحياتية البحتة وعرفوا الظواهر الطبيعية الناشئة من امور لا علاقة لها
بالإنسان وان هذا الإدراك الحسي جاء نتيجة لفهم الإنسان ماهية وجوده ضمن مضمار
الحياة كبان للحضارة ومؤسس لنهضتها الأولى ، فعزف الإنسان للبحث عن المجهول الذي
يسير هذه الأمور بكل تفاصيلها الدقيقة فتوصلوا أولا إلى وجود الآلهة وفهموا أن لكل
ظاهرة في الكون اله ..
إن ( خمبابا ) العفريت الذي يحرس غابة
الأرز والذي ورد ذكره في ملحمة جلجامش الذي قال لصديقه :
عزمت لأرتقين جبال الأرز
وأدخل الغابة.. مسكن خمبابا
وسآخذ معي فأسا لأستعين بها في القتال
أما أنت فامكث هنا
سأذهب أنا وحدي (4)
فقد ظل شكله مبهما بالرغم من تناوله في الأسطورة بشكل
تفصيلي ، وفي نفس الوقت يظهر في الملحمة (الرجل العقرب ) (5) وهو مخلوق أسطوري
مركب من إنسان وعقرب .
إن الذي جاء إلينا جسمه من مادة الآلهة
فأجابت زوجة الرجل العقرب زوجها وقالت
أجل إن ثلثيه اله وثلثه الآخر مادة بشرية (6)
وقال جلجامش في الملحمة :
أنكيدو
من أجل الشر الموجود في تلك الأرض
سنذهب إلى الغابة وندمر الشر
واسمه الهول
عملاق كاسر (7)
ولا يسعنا ذكر إن جلجامش نفسه ذا القوة الخارقة والباحث
عن الخلود هو ( ابن الآلهة نينسون وكاهن من قولاب خامس ملوك اوروك بعد الطوفان )
(8)
وقد ورد ذكر الغول في قصة الخليقة البابلية حول نزال
الآلهة ( مردوخ ) مع الغول ( تيامت ) جاء فيها :
وتقدمنا للقاء
تيامت ومردوك احكم الآلهة
وتدانيا للقتال ، واقتربا للصراع
فرمى الرب شبكته ، وطوقها بها
واطلق في وجهها ريح الأذى التي كانت تتبعه
ولما فغرت تيامت فاها لتفترسه
أطلق ريح الأذى لئلا تستطيع إطباق شفتيها
فأنتفخ جسمها ، وفتحت فاها
واطلق سهما ، فمزق بطنها
وهتك أحشاءها ، وشق فؤادها (9)
وقد حفلت الأساطير السومرية بالإضافة إلى نشوء الخلق
والمواعظ الأخلاقية ، بوجود شخصيات أسطورية كشخصية ( كور ) ضمن الشخصيات المتوحشة
التي كانت تعيش ( في قعر النهر العظيم ) (10) ، وان ماهية هذه الشخصية المتوحشة
غير معروفة .. وقد ورد في الأساطير السومرية أن قاتل ( كور ) هو الإله (أنكي)
بالإضافة إلى ورود اسم ( انانا ) على أنها ( قاتلة كور ) (11) .
وتصل الميثولوجيا في حضارة وادي الرافدين إلى معرفة
الأساس الذي يرتكز عليه مفاهيم الخير والشر وبالتالي إلى إيجاد منبع أساس يعول
عليه في تفسير كل الظواهر غير المفهومة على أساس أنها سبب البلاء أو الشر ، فكانت
( ليليث ) العفريتة سبب كل البلاء .. فجاء في الأساطير ( بينما كانت ملكة السماء ـ
اناناـ تتمشى على ساحل الفرات أخذت الشجرة بيدها وجاءت بها إلى ( ارك ) وغرستها في
حديقتها المقدسة وتعهدتها بالرعاية لأنها أرادت أن تتخذ من خشبها ، بعد نموها ،
كرسيا وسريرا ، وبعد أعوام نمت الشجرة خلالها ، اتضح لـ ( انانا ) بأنها غير قادرة على كسرها لأن حية { لا
يؤثر السحر فيها } قد بنت فيها بيتها
، وفي أعلاها بنى طير ( الزو ) عشه ووضع فيه فراخه ، وفي وسط الشجرة بنت (
ليليث ) بيتها ولهذا أخذت ( انانا ) العذراء المرحة تذرف دموع الحزن والأسى وحينما طلع الفجر ونهض أخوها (
اوتو ) من غرفة نومه حدثته باكية عما حدث.
وحينما سمع جلجامش البطل السومري العظيم بكاء ( انانا )
، فأرتدى درعه وتناول فأسه وهوى به على الحية فذبحها ، أما طير ( الزو ) فقد هرب
مع فراخه إلى الجبل ، واقتلعت ( ليليث ) بيتها وطارت هاربة إلى الأرض المقفرة التي
اعتادت التردد عليها ) (12) .
وبالتأكيد فإن هذا أول إشارة لمنابع الشر في الموروث
القديم وذلك بسبب :
1.
1.
إن ( ليليث ) كلمة بابلية ـ آشورية بمعنى أنثى العفريت (13) .
2.
2.
أنها تسكن الأماكن المهجورة .
3.
3.
( وتحول هذا اللفظ بعد ذلك من ليليث إلى ليل وهي ما أصبحت تظهر ليلاً وعرفت
بالجنية ليل ، تسكن الأماكن الخربة وموارد المياه وتظهر كخارقة ليلية يغطي الشعر
كل جسدها العاري ) (14) .
4.
4. لم يعرف شكل وطبيعة ( ليليث ) سوى أنها
كانت سبباً لجلب الشؤم .
5.
5. وانتقلت فكرة ليليث بعدئذ إلى التراث
العبري والإغريقي وبنفس المضمون ولكن بأسماء مختلفة .
ومما جاء نستنتج ان حضارة وادي الرافدين كانت الأساس في
تكوين هذه الشخصيات الواردة ضمن تراثها الغزير ، هذا التراث الذي أكد دوماً العلم
والمنطق بجانب المفاهيم الخارقة وصولا إلى الشيء المحرك للكون وإيجاد الآلهات
المتخصصات (15) وعليه فإن الأساطير المتناقلة تؤكد على إن ليليث كانت ( تغوي
الرجال النائمين وتضاجعهم وبعد ذلك تقتلهم بمص دمائهم ونهش أجسادهم) ، ولعل هذا أول
تصور عن ( السعلوة ) (16) فهذا التصور الخرافي والذي تجسد في قصص وحكايات وأساطير
الشعوب كان بالأصل ضمن الموروث الميثولوجي في العراق القديم وبالتالي انتقلت هذه
الفكرة إلى حضارات العالم ومن ثم ابتعدت عن محتواها وجوهرها الأصلي وسميت بعدئذ
بالسعلاة .
هكذا فإن فكرة (السعلوة ) ومضامينها موجودة
ضمن التراث البابلي والآشوري من خلال :
· · تطابق الجنس فـ ( ليليث ) أنثى و (
السعلاة ) أنثى .
· · تطابق فكرة الشر في داخل كل منهما .
· · تطابق أسلوب الحياة .. في الأماكن المهجورة
.
· · تطابق كيفية اقتناص (الضحية) عن طريق
القتل ومص الدماء بعدئذٍ ، وهو ما سمي بـ ( الدامية ) في التراث الموصلي في العهود
المتأخرة .
وعليه يمكن التأكيد على ان هذه الفكرة ( وجود السعلاة )
هي بالأساس نابعة من ميثولوجيا وادي الرافدين بعد تطور أدوات الزراعة والري فيها
بالإضافة إلى تفكيرهم ( آنذاك ) بوجود قوى غير منظورة تفسر من خلالها الظواهر
الكونية ، وبالتالي نشأت فكرة (السعلوة) بشكلها البسيط من خلال الأساطير المتناقلة
والذي يؤكد الجانب الآخر بأن الفكرة هي من محض خيال خصب وليست واقعية وذلك لورود
الشخصيات الأسطورية المتوحشة كـ ( خمبابا ) و ( كور ) و ( ليليث ) ضمن منطلقات
أسطورية ، والأساطير في كل الأحوال اقرب إلى الخيال من الواقع .
شكل السعلاة
1.
عند الرجوع
الى اصول حكايات السعلاة نجد ان هناك تطابقاً من ان (للسعلوة ) شكلاً ثابتاً من
حيث الجنس ، أي انها ( أنثى ) الغول .
2.
الشكل
الخارجي : أنثى ، ويقال (أحيانا) عنها انها ( امرأة ) طويلة القامة ، كثيفة الشعر
، عارية الجسم ، كثافة الشعر يغطي كافة انحاء جسمها ما عدا الثديين .
3.
سوداء اللون
، وهذه الصفة مطابقة لصفات الشخصيات الشريرة في الميثولوجيا حيث ان اغلبها سوداء اللون
لربطها بالليل ، الامر المطلوب توفرها في سرد الحكاية لزيادة الاثارة .
4.
الثديان متدليان من
صدرها لحد الركبة ، وعندما تريد ارضاع طفلها تحمله على كتفها وترمي احدى اثدائها خلف
ظهرها .
5.
لها مخالب
في يدها فقط لقتل الضحية وتمزيق اللحم
في مكان ما ومص دمه ، وهذا بالتأكيد يطابق تسمية ( الدامية ) في الحكايات الشعبية
الموصلية .
6.
تؤكد الحكايات
الشعبية على ان السعلاة حيوان ومن فصيلة المخلبيات ، الا ان الغموض يتعارض في
كونها لا تمشي على أربعة أرجل ( كأي حيوان) وذلك لتعارض طبيعة الاثداء لضخامتها ويوافقها
من ناحية وجود المخالب ونفس وظيفة الحيوان المخلبي كالقط البري وغيرها .
7.
السعلاة
حيوان مائي يعيش في المياه ، وذكرت الحكايات في بداية نشوئها عن ( السعلاة ) بأنها
نصف ( امرأة ) والنصف الاخير ذيل سمكة ، الا ان الدور الاساسي من السعلاة ومن
تواجدها في مجالس السمر ادى الى ظهورها الى الواقع كأنثى الغول وكامرأة في بعض
الاحيان ، وهذا بالاساس يناقض آراء الكتاب العرب الذين أكدوا على انها تعيش في
القفار، واذا كانت تعيش في الماء ، فكيف هي اذن زوجة الغول الذي يعيش في الصحراء
الجدبة الخالية من المياه ، هذا التناقض غير محسوم وانما شدد على الجانبين بنفس
الوقت ، ففي قصص الفرات الاوسط نجد ان مكانها الماء في حين نجد في حكاية ( درب
الصد ما رد ) ان مكانها القفار .
8.
شكلها
الخارجي قذر جداً وشعر جسدها مغطى بالكامل بـ ( القمل ) وهذه القذارة في الجسم
مناقضة تماماً كونها حيواناً مائياً .. من أين هذا القمل وهذه القذارة وهي الساكنة
في المياه ( المعروف عن المياه انها طاهرة مطهرة ) .
9.
مناقضة كون السعلاة
من الحيوانات المخلبية لواقعها المعيشي في الماء ، فكيف يستطيع حيوان مخلبي العيش
في الماء ، هذه مسألة غير مقبولة منطقياً !!
10.
تؤكد بعض الروايات على
ان ( السعلاة ) من الحيوانات البرمائية ، أي بامكانها الحياة في الماء وفي اليابسة
ولو ان لهذا الادعاء شكوكاً وتناقضات في بعض الحكايات ، الا انها اخذت ردحاً من
الزمن تفسر تواجد السعلاة في البر قرب جرف الماء ( السواحل ) وكان لهذا التفسير
وقع خاص في استمرارية الحكايات الخرافية بنفس الحماس وبنفس المضمون .
11.
ان السعلاة تموت كأي
كائن حي وهذا يدل على توارث فكرة الشر بتوالد السعلاة وموتها ، وان موتها في الاغلب
على يد بطل الحكاية او كنتيجة لذكائه في القضاء عليها او بتواجد شخصية مساعدة
للبطل ، الامر الذي يدلل على ان جانب الخير هو الغالب دائماً .
12.
ويمكن حصراً ان نحدد ما هية ( السعلوة ) الخارجية وتكوينها النفسي من خلال دراسة
الحكايات المتناقلة ونجد بذلك انها : ( 17)
·
·
حيوان .
·
·
لها القابلية على مسخ نفسها فقط اثناء حصارها من قبل الذئب . (18).
·
·
ترعد وتسخر الرياح لها .
·
·
لها قرون من خشب ( في الحكايات الموصلية فقط ) .
·
·
عارية الجسم .
·
·
كثيفة الشعر .
·
·
تشبه العنزة في شكلها الخارجي وأكبر منها بثلاث مرات .
·
·
سوداء اللون .
·
·
قوية جداً وتأكل اللحم البشري .
·
·
تمشط شعرها نهاراً .
·
·
تشحذ اسنانها ليلاً .
·
·
تسكن المغاور ، وان بيتها متكون من عدة طوابق تخفي في كل طابق جزءً من حاجتها
وتسكن هي في الطابق الاسفل مع اولادها .
·
·
عيناها مدورتان حمراوتان .
·
·
ارجلها مصنوع من الرقع .
·
·
تحوم حول السواحل لتخطف الرجال للزواج بهم .
·
·
لها انف أحمر وفم واسع واسنان طويلة وشفاه عريضة .
·
·
تكون مستأنسة في بعض الاحيان وتساعد الناس .
·
·
تحب الاطراء بـ ( جمالها ) و (نظافتها ) .
·
·
تموت كأي كائن حي .
13.
وردت حالات في الموروث
الشعبي العراقي ( تؤكد ) على (تواجد) السعلاة ( كواقع ) ضمن شخصيات وامكنة لها وقع
خاص لتصديقها ، منها:
·
· ( في
جنوب العراق زعموا ان ـ علي آل صويلح ـ خرج على غيطه فيها سعلاة بعد ان امتحنه
الخزاعل وقتل السعلاة ، ويقول الاعراب انه قصد السعلاة الى وسط الهور واحتال عليها
وقتلها حرقاً بالنار وجعلها وسط حزمة من القصب وجاء بها ـ حمد آل حمود ـ شيخ الخزاعل والقاها في مضيفه ) (19) .
·
· ( ان
السعلاة خرجت من الماء ذات ليلة وذهبت الى بيت يطل على نهر دجلة ويقع في منطقة باب
السيف في كرخ بغداد ، وانها طلبت منهم ان يعيروها ـ طاوة ـ كي تقلي فيها بعض
المأكولات ، وقد نفذ أهل الدار طلبها ، ومنذ ذلك اليوم يلقبون بـ ـ بيت طاوة ـ
والبيت من العوائل الغنية والمحترمة من أهالي بغداد القدماء ) (20) .
·
· قصة المرحوم
أحمد البروانة اشهر من نار على علم حيث انه كان رجلاً كريماً شمل كرمه السعلاة ،
فكان يعطيها ( الطبيخ ) و ( الحنيني ) أي التمر المقلي بالدهن ، ويضع لها الاكل
قرب جرف الماء ، ولا يوجد أحد يضايق السعلاة لأنها من أتباع هذا الرجل الكريم .
ولما مات الى رحمة الله تعالى ، ندبته النساء والاطفال واخذوا يرددون :
تبجي حديثة وعانة.. على أحمد البروانة.. على حنيني
ورغفانة .. يامعيش السعلوة ..على لحم خرفانة.. تبجي حديثة وهيتي .. على احمد
التكريتي .. لمعيش السعلوة .. على اللحم والثريدي (21)
14.
جاء ذكر السعلاة في
المعجم الزيولوجي على انها ( أسم لقرد شبيه بالانسان مسكنه الغياض في جزيرة بورنيو
وسومطرة ، يسمى هذا النوع من القرد بالسعلاة لأنه يسعل ، أي ينشط للتلبيس والتخييل
، ويندر ان يزيد ارتفاعه على اربعة اقدام ، جلده بني اللون وشعره طويل ، ذو لون
أحمر كستنائي ، يمشي على حافة القدم الخارجية ويكون سيره على الارض مرتبكاً فيضع
ايديه على الارض ويمرجح نفسه بين ذراعيه )
(22).
الهوامش
1.
من تراثنا الشعبي \ عبدالحيد العلوجي \ وزارة الارشاد \ بغداد 1966\ص 106
2.
الحياة اليومية في بلاد بابل وآشور \ ترجمة سليم طه التكريتي وبرهان عبد التكريتي
\ دار الرشيد \ 1979 .
3.
المصدر السابق \ ص 422.
4.
ملحمة جلجامش \ طه باقر \ دار الرشيد للنشر \ بغداد \ 1980 \ص 96 وقد وصف امكيدو لصديقه جاجامش شكل
خمبابا قائلا (( اني لفي روع منه اسنانه انياب تنين ، جسمه مثل الاسد ، هجمته تدفق
الطوفان )) راجع
ملحمة جلجامش \ ساندرز \ دار المعارف بمصر \ 1970
.
5.
الرجل العقرب هو ( حارس الجبل الذي يهبط
اليه الشمس ليلا ،ويوجد معه أنثى تماثله نصفه الاعلى جسد آدمي ونصفه
الاسفل ينتهي بذيل عقرب)) المصدر السابق ص 101
6. المصدر السابق
ص68 – قال خمبابا اثناء احتضاره ( أي
شمش اسمعني ، اسمع كلماتي ، انا ما عرفت أما ، ولا أبا
يرعاني ، انت اولدتني من هذه الارض).
7.
المصدر السابق ص 59 ، واعتقد ان (
الهول ) هو الذي سمي بعدئذ بـ (الغول ) .
8.
المصدر السابق \ ص100
9.
مقدمات في الشعر السومري \ طراد الكبيسي \ وزارة الاعلام1970 \ بغداد \ ص39 .
10.
الاساطير السومرية \ صموئيل نوح كريمر \ جمعية المترجمين العراقيين \ بغداد 1971 \ ص 122 .
11.
المصدر السابق ص 123.
12.
المصدر السابق ص 58.
13.
اساطير وفلكلور العالم العربي \شوقي عبدالحكيم\ مطابع روز اليوسف
\974\ص203.
14.
الحكاية الشعبية العربية \ شوقي عبدالحكيم\ دار ابن خلدون \ بيروت
\ 1980 .
15. وهذا
يناقض ما قاله عبدالمنعم شميس كان ( المصريون القدماء هم البادئين بتصوير الجن والشياطين
والعفاريت ثم اخذها عنهم شعوب اخرى كثيرة ) وذلك لأن حضارة وادي
الرافدين هي اقدم الحضارات في العالم وان ملحمة جلجامش هي اول ملحمة في العالم
واقدم اثر ادبي بعد الطوفان راجع
الجن والعفاريت في الادب الشعبي المصري \ عبدالمنعم شميس \ الهيئة المصرية العامة
للكتاب \ مصر \1976 .
16.
اساطير وفلكلور العالم العربي \ ص 512.
17.
راجع الحكاية الشعبية العراقية ، من تراثنا الشعبي .
18. هناك اعتقاد شائع بأن الحجارة المثقوبة هي
بالاساس سعلاة طاردها الذئب فمسخت نفسها الى حجارة وثقبها الذئب
بمخالبه، ولم تستطع السعلاة اعادة شكلها ثانية ، وتعتبر الحجارة المثقوبة
مقدسة عند بعض الناس .
19.
السعلاة في تراثنا الشعبي \ عبدالجبار محمود السامرائي \ مجلة التراث
الشعبي \ كانون الاول 1970 .
20.
مجلة التراث الشعبي \ ايلول 1970 .
21.
السعلاة في اساطيرنا الشعبية \ طلال سالم الحديثي \ مجلة التراث الشعبي
\ العدد 3 لسنة 1963 .
22.
المعجم الزيولوجي الحديث \ محمد كاظم الملكي \ مطبعة النعمان \ النجف
1960 .