ملف البيئة العراقية
الفوضى الخلاقة وتدمير البيئة العراقية
سعدون
المشهداني – السويد
فعلان
مدمران بقصد وتدبير هما الحصار الظالم على عراقنا الذبيح، والغزو العسكري الأمريكي في سنة 2003 وما
تلى ذلك من جرائم بحق البيئة العراقية،
ولا يمكن رسم صورة حقيقة لما وصلت أليه البيئة في العراق دون الربط
والتواصل بالنتائج والفعل ما بين الحصار ونتائجه والغزو ونتائجه.
إن
الواقع البيئي يتمحور حول ثلاث عناصر بيئية هي: الماء والهواء والتربة، وأي خلل في أحد أطراف هذا المثلث ينتج
عنه خلل في دورة الحياة بحكم الترابط بينهما.
ففي
الوقت الذي وصلت الخدمات في توفير المياه الصالحة للشرب للمواطن العراقي قبل
الحصار حسب الإحصاءات التي أثبتتها دائرة الرقابة الوطنية العراقية ووزارة الصحة
وشبكة إعلام العراق أن عدد مجمعات ترشيح المياه لغاية 1991 بلغ 1500 مجمع والتي
كانت تغطي حوالي90% من حاجة السكان في المناطق الحضرية والريفية ووصلت الطاقة
الكلية للتصفية في تلك المشاريع إلى حوالي
(سبعة ملايين) متر مكعب في
اليوم الواحد وبلغت حصة الفرد من المياه حوالي (416/لتر يومياً)
وهي أعلى حصة للفرد الواحد مقارنة بنظيره في أكثر الدول المتقدمة والتي
بلغت 250/لتر في اليوم.
سعى
الحصار إلى تحطيم القاعدة التحتية للخدمات للمواطن من خلال القصف المتكرر لمجمعات
تصفية المياه وخلال سنوات الحصار الثلاثة عشر توقفت مشاريع مياه الشرب بنسبة 0% أو
أكثر وأصبحت الطاقة الإنتاجية للمشاريع المائية أقل من (1.5 /مليون لتر)
مكعب في اليوم في حين كانت تتجاوز
(7/ملايين لتر قبل عام 1991) .
وفي
أحدث تقرير وثائقي لحقوق الإنسان في العراق: أن حوالي 90% من أجمالي سكان العراق
لا يحصلون على احتياجاتهم من الماء الصالح للشرب كما يؤدي الهواء الملوث بسبب
استمرار العمليات العسكرية في المدن والقرى إلى انخفاض كفاءة الجهاز المناعي لجسم
الإنسان وانتشار مرض السرطان بمعدلات غير مسبوقة في الوقت الحاضر.
كما
أثبتت دراسة علمية حديثة أعدها باحثون في جامعة بغداد أن المستشفيات أصبحت من أهم
مصادر تلوث المياه. فمن مجموع 126/مستشفى في العراق يضم 25 منها فقط وحدات معالجة
مياه خاصة بينما يوجد 33 مستشفى مرتبطاً بشبكة مجاري لكن الشبكة نفسها غير منتهية
بوحدة معالجة المياه أما 68 مستشفى الأخرى فلا يتوافر فيها أي شكل من أشكال
المياه، وتصرف 31 منها مياهها إلى
نهر دجلة، و25 تصرف مياهها إلى نهر
الفرات، و8 تصرف إلى نهر ديالي، و4 أخريات تصرف إلى شط العرب! وتؤكد تقارير وزارة الصحة العراقية أن
هناك ما يتراوح من 250 إلى 300 طن من المواد الصلبه غير المعالجة تصرف في الأنهار
العراقية بصورة يومية! حتى صارت
مياه النهر تميل إلى الخضرة والزرقة الداكنة من كثرة التلوث هذا إضافة إلى نفايات
المنازل المكدسة في الشوارع ونزوح المياه الثقيلة إلى الشوارع لعدم وجود صيانة
ومتابعة وكذلك يتم صرف المخلفات الصناعية إلى الأنهار وهو ما يزيد تلوث المياه
تلوثاً.
أما
المحميات الطبيعية فقد أصابها الضرر بسبب الحصار حالها حال الإنسان العراقي وقد
عانت المحميات الطبيعية من حالات السلب والنهب والعبث الغير مسؤول من قبل كثير من
الدخلاء الذين قدموا مع الاحتلال مما سبب إلى انقراض الكثير من الأحياء النباتية
والحيوانية وعلى الرغم من أن حالة انقراض الحيوانات هي حالة طبيعية ألا أنها تحدث
بسرعة كبيرة جداً مقارنةً مع الحالة الطبيعية وفي تقرير للدكتور حسين العلي مدير
متحف التاريخ الطبيعي في العراق: تعتبر المحميات مخزون استراتيجي للدولة حيث يتم
فيها المحافظة على الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض وعلى الرغم من ذلك فأن
ألإهمال الحالي له نتائج كارثية إذ هناك ثلاث أنواع من النباتات النادرة مهددة
بالانقراض و من الثديات منها تسعة مهددة بالانقراض كما أن هناك 17 نوع من الطيور
مهددة بالانقراض علماً أن في العراق كان سابقاً أكثر من 20 محمية طبيعية تلقى
رعاية مع قانون خاص لحماية المحميات وكانت حزمة تغيير القوانين لبول بريمر قد شملت
ضمن ما شملت إلغاء قوانين حماية المحميات الطبيعية في العراق ما بعد الاحتلال.
تفيد
تقارير مركز حقوق الإنسان العراقي بأن ظاهرة نفوق كميات كبيرة من الأسماك تعد
مشكلة كبيرة وترجع هذه الظاهرة إلى تلوث المياه بالمواد السامة وقد بلغت نسبة
الفاقد من الأسماك 100% في بعض المزارع السمكية وذلك نتيجة لاستخدام الأسلحة
المحظورة ضد العراق إبان حرب الخليج وعلى رأسها اليورانيوم المنضب والمواد السامة.
توضح تقارير (شبكة الأعلام
العراقية) أن استمرار الحصار
والهجوم الأمريكي خلال عملية الغزو وما تبعه من سياسة الأرض المحروقة للمناطق
الزراعية والمدن أديا إلى حدوث حالات من الأمراض تمس الثروة الحيوانية والنباتية
لم تكن قد سجلت من قبل أو كانت نادرة الحدوث فمثلاً ارتفاع ملحوظ لتشوهات في
الأغنام والأبقار وانتشار مرض الحمى القلاعية بين قطعان الماشية والأبقار بصورة
ملحوظة. كما أدى الإضرار بالبيئة الطبيعية إلى انخفاض أعداد الطيور المهاجرة، وهلاك الكثير من الأحياء من طيور
كاللقالق وحيوانات كالغزلان والجمال،
كما ازدادت أعداد الآفات الزراعية وطفيليات الحيوانات كالقراد مثلا، وازدادت كثافة القوارض.
وتشير
التقارير الدولية أن فترة الحصار الطويلة مع استمرار الضربات العسكرية والعمليات
العسكرية لسنة 2003 وما تبعها قد رشح العراق أن يصبح دولة شبه صحراوية فأن مساحة
الصحراء في العراق صارت تشكل حوالي نصف إجمالي مساحة العراق على الرغم من وجود
نهري دجلة والفرات وقد بينت دراسة أعدها المركز الوثائقي لحقوق الإنسان: (أن القصف الجوي في مختلف أنحاء العراق
قد أدى إلى تخريب الطبقة السطحية لقوام التربة والتي كانت متماسكة أصلاً قبل القصف
الأمر الذي أدى إلى زيادة نسبة التعري وتكوين كثبان رملية وبالتالي الإسراع في
عملية ألتصحر إضافة إلى تعرض الغطاء النباتي في البيئية الصحراوية إلى التدمير
الذي تكون خلال مئات السنين.
وفي
تقرير لوزارة الزراعة العراقية: أن العراق قد خسر70% من محاصيله الحقلية خلال
السنة الماضية بسبب الجفاف والتصحر وأسهم ذلك معاناة الأنهار من انخفاض في معدلات
المياه إذ انخفض الماء فيها بمعدل 45%،
وتعرضت بعض الأنهار إلى ما يقرب الجفاف مثل نهري الخالص وديالي اللذين
تعتمد عليهما الكثير من المناطق الزراعية.
هذا
وتقول الإحصاءات إن منسوب المياه في نهر دجلة حاليًّا يعتبر الأدنى منذ أكثر من 75
عاماً كاملة.
أما
بالنسبة لثروة العراق من النخيل،
فقد خسر العراق أكثر من 4 ملايين نخلة في البصرة من أصل 6 ملايين ونصف
المليون خلال عملية الغزو الأمريكي للعراق،
ما تبعها من عمليات عسكرية فيما جاءت الآفات الزراعية الجديدة لتقلص
الإنتاج إلى أدنى مستوى.
ومن
الأمور التي تلفت اهتمام المراقب هو ازدياد معدلات قطع الأشجار داخل المدن
العراقية وكذلك في الريف العراقي بسبب كثرة العمليات العسكرية الأمريكية في
المناطق الريفية بل حتى المدن بدت خالية من التشجير كأجراء أمريكي أمني احترازي
خشية وجود مسلحين يمكن أن يحتموا خلف النخيل والأشجار ولم تكتف الإدارة الأمريكية
بكل هذا الدمار أعقبت ذلك بالقرار 81 السيئ الصيت لبريمر بخصوص الإنتاج الزراعي
والذي يحمل عنوان حماية (الأنواع
الجديدة من النباتات) وهو من أخطر
القرارات الذي تم فرضه لتحديد مستقبل الإنتاج الزراعي للعراق بما يتوافق مع أهواء
شركات احتكارية مثل مونسانتو وسينجينتا ودو كيميكال وغيرها من شركات المنتجات
الزراعية الأمريكية العملاقة التي تسعى جاهدة لفرض سيطرتها على إنتاج الغذاء في
العالم من خلال البذور والنباتات المعدلة وراثياً.
وينص
قرار بريمر المرقم 81 على إلزام المزارعين العراقيين بأن يدفعوا مبالغ كبيرة
للشركات متعددة الجنسيات، مثل
مونسانتو، للحصول على البذور
لزراعتها كل عام، حيث سيعتبر
استخدامهم لبذورهم أمراً مخالفاً للقرار،
كما عليهم دفع رسوم حقوق الملكية الفكرية لمونسانتو أو سينجينتا مقابل
البذور المعدلة وراثياً بهدف حماية حقوق الملكية الفكرية لمونسانتو ومثيلاتها
علاوة على هذا، تمتلك هذه الشركات
حقوق الاحتكار الحصرية لهذه البذور ولمدة عشرين عاماً.
ورغم
كل ذلك لم يتجرء البرلمان العراقي بمنح البيئة العراقية لجنة من لجانه الخمسة
وعشرين لأن وجود لجنة لمتابعة الإضرار البيئية يعني تثبيت وأدانه الفاعل الأمريكي
لجريمته البشعة على البيئة العراقية وهذا ما لا يستطيع البرلمان تحقيقه.
وفي
عراق ما بعد الاحتلال هناك 85% من الشعب العراقي محروم من التيار الكهربائي حيث
وصلت حصة المواطن إلى ثلاث ساعات يومياً وفي بعض المناطق يتم قطع التيار الكهربائي
كجزء من سياسة العقوبات بحق المناطق المقاومة.
في
عراق اليوم هناك 83 %من السكان ليس لهم مصدر موثوق لمياه التصفية مما يدفع الناس
وتحديداً مدينة بغداد إلى الإفراط في استعمال المياه الجوفية والاستعمال العشوائي
للماء. وأن هناك 17% فقط من السكان ترتبط منازلهم بشبكات الصرف الصحي.
في
عراق ما بعد 2003 يعاني 25% من أطفال العراق من نقص في التغذية.
في
عراق الاحتلال البغيض تم تدمير 84% من مؤسسات التعليم حيث تعرضت للتدمير والتخريب
والنهب من قبل الرعاع ومافيا الاحتلال.
عراق
الحرية الزائفة للغزو الأمريكي بلغت فيه نسبة 26% من العراقيين ما بين 15 سنة إلى
24 غير قادرين على القراءة والكتابة.
إلى
الذين بشروا بربيع بغداد القادم إلى الذين وزعوا الحلوى بقدوم الغازي إلى أرضنا
الحبيبة هذا ما جنت أيدكم من دمار هذا هو الوجه القبيح للاحتلال فهل لا زلتم بحلم
التغيير من أجل عراق جديد الذي ستبنيه أمريكا بأس الأحلام وبأس النتائج.