المادة(140) والهدف الصهيوني لتقسيم العراق!
سراب مهدي/عمان
من
خلال دراستنا لدساتير الدول العربية كافة وعدد كبير
من دساتير العالم لم نجد في أي منها نصاً دستورياً يماثل نص المادة (140) بما
تمثله هذه المادة من دعوة صريحة وواضحة للخلافات والنزاعات وإثارة التعصب
العرقي، وخلق حالات توتر شديدة في العلاقة بين مكونات الشعب العراقي بعربه وكرده
وتركمانه وغيرهم، والأدهى من ذلك يؤدي تنفيذ المادة(140) الى اقتطاع مساحات واسعة
من أراضي محافظات أخرى تحت ذرائع تاريخية وجغرافية واهية، خاصة وان محافظة كركوك
هي أحدى محافظات جمهورية العراق وليست خارج حدوده أو سيادته، مما يفصح عن توجه عملي
لتفكيك العراق وإثارة التنافس العرقي بهدف الاستحواذ على كركوك التي تحتضن منذ أقدم
العصور العراقيين من العرب والكرد والتركمان وغيرهم، والذين عاشوا متحابين ومتآخين
وانصهروا مع بعضهم بالتزاوج فيما بينهم بصرف النظر عن القومية أو الدين أو المذهب.
وبالعودة
الى خلفيات إعداد مشروع الدستور العراقي تشير المعلومات المؤكدة ان
نصوصه اٌعدت من قبل المجموعة القانونية المسماة (مارك زيل – سام ) وعلى هدى أفكار
الصهيوني " فيلدمان وصديقه سالم الجلبي – ابن اخ احمد الجلبي – "ومارك زيل" – إسرائيلي الأصل، أمريكي الجنسية، وأحد
إتباع "دوغلاس فيث" نائب وزير الدفاع الأمريكي
السابق "دونالد رامسفيلد " ومثل هذا الدستور الذي اُُعدت نصوصه في المختبرات الأمريكية – الصهيونية وجرت المناقشة لتلميعه
ببعض الرتوش الواهية كان لابد أن يتبنى غرس
وترسيخ الفرقة والتناحر بين المجتمع العراقي... فالدستور ليس قانوناً لمعالجة حالة
طارئة أو مجابهة متغيرات آنية بل هو ميثاق شرف يضمن حق المواطنين كافة، ويحدد
سلطات الدول وانه ليس للحاضر فقط بل
للمستقبل أيضا لذلك فان أعداده وتشريعه ليس
قضاء فرض، ولا يعتمد على ارضاء الأطراف والاحزاب المتنازعة على السلطة والمال.
أذن يفهم
من نص المادة (140) أنها مؤسسة على خلفية دراسات تقسيم العراق مما
يجعلها تجسيداً لتلك الدراسات وآخرها وليس أخيرها مشروع قرار التقسيم الذي صادق
عليه مجلس الشيوخ الأمريكي في 26/9/2007 الذي تمخض عن خلفيات مشبوهة هدفها تفتيت
العراق وإثارة النعرات العرقية والدينية والطائفية بين أبناء شعبه الواحد.
فضلاً عن
ذلك فان الكيانات السياسية التي ناقشت الدستور غيبت مكونات أساسية ومهمة جداً
في المجتمع العراقي وعلى الأخص أغلبية المثقفين من العلماء والمفكرين والقانونين
والسياسيين والإعلاميين الذين استحال عليهم الإسهام في تلك المناقشات بسبب الانفلات
الأمني الذي شاع في البلاد، وعليه فهو لم ينضج من خلال عقول أساتذة القانون
والسياسة الضليعين بمثل هذه التشريعات.
إضافة الى
ما تقدم فان فرض الاحتلال موعداً زمنياً
قصيراً جداً لإقرار الدستور سهل تمرير نصوصه الغريبة والركيكة، في الوقت
الذي يستغرق أعداد الدساتير في العالم سنوات طوال، وهو بذلك أفضى الى خلق مشكلات
وتناقضات على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تؤدي الى تهديد كيان العراق وتعريض هويته ووحدته الى التصدع
والانهيار بسبب استغلال كيانات عرقية، وطائفية نصوص
الدستور لتحقيق مصالحها على حساب مصالح عموم الشعب العراقي ومستقبله.