فن تشكيلي
الفنان التشكيلي برهان صالح .. ومحاولة الإمساك
بالمستحيل !
الفنان برهان صالح
هذا الفنان
الكركوكلي المقيم حاليا في هولندا، قد ولد في كركوك عام 1956. هنا مقاطع من نص
نقدي كتبه رفيقه في الفن والوطن والغربة، وهو ايضا فنان وناقد تشكيلي وباحث
أكاديمي في مجال فنون وتاريخ بلاد النهرين، ومقيم في الولايات المتحدة :
يمتلك الحديث عن تجربة
الفنان التشكيلي العراقي (برهان صالح) المعروف في الولايات المتحدة بالأسم الفني
(برهان كركوكلي) مزّية خاصة ، ذلك أنه يقف بتجربته الفنية المتميزة وخلفيته
الثقافية المشفوعة بدماثة الخلق وتواضع المتمكنين وتأكيده على أولوية الإنتماء للعراق متجاوزاً الإنتماءات
العرقية والطائفية البعيدة تماماً عن رؤيته الفنية وتوجهاته الثقافية التي يثمنها
كل من عرفه في مقدمة صف التشكيليين العراقيين (من جيلي الثمانينات والتسعينات) .
درس برهان صالح الرسم في روما مطلع عقد الثمانينات من القرن
المنصرم، يعد برهان صالح اليوم أحد مؤسسي (جماعة أفق) التي تأسست عام (1985) وأحد
الموقعين على بيانها التأسيسي (أتبع حلمك) ، ذلك البيان الذي ألهب حماس الفنانين
العراقيين منتصف عقد الثمانيات المنصرم وأثار نقاشات ساخنة حول دور الجماعة الفنية
وموقفها من الذات والعالم وحرية التعبير التي أكد عليها البيان، وقد نشر ذلك
البيان كلاً أو جزءاً في العديد من الصحف العراقية والصحف الأوربية. تتميز أعمال الفنان برهان صالح التي شارك
بها في العديد من المعارض الجماعية التي توزعت ما بين وطنه الأم العراق وبعض الدول
الآسيوية وأوربا والولايات المتحدة الأمريكية بتأكيدها على تقنيات الحفر على الخشب
وطبعاتها المنفذة على الورق، إضافة إلى أستخدام الأصول الخشبية (الكليشة) بعد
معالجتها فنياً للخروج بنتائج تعبيرية متميزة، وتعد سلسلة أعماله الفريدة في هذا
المجال وبخاصة تلك التي قدمها في معرضه الشخصي في المتحف الوطني للفن الحديث
ومعرضي جماعة (أفق) في قاعة الرواق وقاعة جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين خير
مثال على أسلوبيته تلك . ولعل طريقة معالجته المتميزة لسطوح الخشب والتعامل بذكاء
مع عروق الألواح الخشبية (المعاكس / البليوود) للخروج بتعبيرات طازجة ومؤثرة إنما
تبدو في أبهى صورها في مجموعة أعماله التي قدمها في المعرض المشترك (حصار) على مركز
بغداد للفن الحديث ومعرض (وجوه) على قاعة الفينيق وقاعة المركز الثقافي الملكي
وقاعة البيرق وقاعة عالية الملكية في عمان ، حيث نجح في التعبير عن حالة الحصار
الذي بسط بظلاله السوداء على حياة
العراقيين قاطبة من خلال إنعكاساته العميقة والعنيفة على الوجوه مركزاً على العيون
التي يعتبرها الفنان برهان (مفاتيح الروح) .
وبديهي أن تؤثر سنوات
الهجرة القسرية والتنقل بين بلدان الشتات التي أنتهت بالإقامة الدائمة في هولندا
على الفنان برهان صالح، وإن كانت تلك السنين قد حجمت من مساهماته وعمله الفني، إلا
أنها نجحت في المقابل بشحذ همته ومضاعفة خزينه من الأفكار غير المنفذة على سطوح
الرسم، وهكذا جاءت سلسلة أعماله التي عرضت منذ أواخر عقد التسعينات في الولايات
المتحدة في عدد كبير من القاعات والمتاحف الشهيرة منها قاعة ديمنشنز وقاعة
ميسوبوتاميا في ولاية ميشيغن ومتحف كاتزن في العاصمة واشنطن، إضافة إلى معرضه
الشخصي المتميز الذي قدمه في هولندا في عام (2002) والعديد من المعارض الجماعية
الأخرى في أوربا لكي تؤكد على مدى إهتمامه في ترسيخ تجربته الفنية والمضي بها إلى
آفاق مفتوحة.
أن الفنان التشكيلي العراقي
برهان صالح كان وما يزال مؤمناً بقدرة الفن على إنضاج الحياة، واعياً في الوقت
ذاته لأهمية دوره كفنان عراقي. كما أن الحياة من جانبها لم تبخل عليه كما ألمحت
سابقاً بالمشاعر الراقية والمهارات الفريدة التي تبدو جلية في رهافة حسه وطوعية
أنامله وقدرته المتكيفة على التعامل مع الألوان والخامات المختلفة بروحية الساحر والمغامر في آن .
لمعرفة المزيد عن هذا
الفنان: (http://www.burhansaleh.com/)