هذا هو العراق
((أما العراق فمنارة
الشرق، وسرة الأرض وقلبها، إليه تحادرت المياه، وبه اتصلت النضارة، وعنده وقف حد
الإعتدال، فصفت أمزجة أهله، ولطفت أذهانهم، واحتدت خواطرهم، واتصلت مسراتهم، فظهر
منهم الدهاء، وقويت عقولهم، وثبتت بصائرهم، وقلب الأرض العراق، وهو المجتبى من
قديم الزمان، وهو مفتاح الشرق، ومسلك النور، ومسرح العين، ومدنه المدائن وما
والاها، ولأهله أعدل الألوان، وأنقى الروائح، وأفضل الأمزجة، وأطوع القرائح، وفيهم
جوامع الفضائل، وفوائد المبرات، وفضائله كثيرة لصفاء جوهره، وطيب نسيمه، واعتدال
تربته، وإغداق الماء عليه، ورفاهية العيش به)).
حكيم يصف لعمر بن الخطاب(رض) العراق وأهله (مروج الذهب للمسعودي/ج 1/ص
63 ) .
قال الجاحظ: ((العلة في عصيان أهل العراق
على الأمراء، وطاعة أهل الشام، أن أهل العراق أهل نظر وذوو فطن ثاقبة. ومع الفطنة والنظر يكون التنقيب
والبحث. ومع التنقيب والبحث يكون
الطعن والقدح، والترجيح بين الرجال، والتمييز بين الرؤساء، وإظهارعيوب الأمراء)).
وقال عز الدين بن أبي الحديد: ((وطينة العراق ما زالت تنبت أرباب الأهواء وأصحاب
النحل
العجيبة، والمذاهب
البديعة. وأهل هذا الإقليم أهل بصر وتدقيق ونظر، وبحث عن الآراء والعقائد، وشبه معترضة في المذاهب.
وقد كان منهم في أيام الأكاسرة مثل ماني وديصان ومزدك وغيرهم)).
(ابن
أبي الحديد، شرح نهج البلاغة للامام علي(رض)).