تراث
السجاد الكردي
لوحة فنية
ترسمها أنامل
موهوبة
تعكس النقوش والرسوم المستخدمة في نسيج المفروشات طبيعة
الحياة والاحوال الاجتماعية والثقافية للشعوب وتنعكس طبيعة حياة العشائر الكردية
في فن النسيج المحلي اذ احتفظوا بهذا الفن الاصيل عبر القرون الماضية وأصبح
معروفاً كهوية متميزة للكرد والعشائر الكردية.
واشتملت منتوجاتهم من تلك الافرشة على
منسوجات العشائر لسد احتياجاتهم اليومية اذ اعتمدوا في موادهم الاولية على شعر
الماعز وصوف الاغنام واستخدموا الالوان التي توافرت في البيئة الكردستانية من أزهار وأعشاب
ونباتات طبيعية.
وقال مدير عام الآثار في وزارة الثقافة
كنعان المفتي "يظهر من خلال دراسة تاريخ الاحوال الاقتصادية للعشائر الكردية انهم
كانوا مكتفين ذاتياً عبر انتاجهم لهذه المنسوجات من دون الاعتماد على الآخرين من
الشعوب المجاورة" .
ولفت الى ان المجتمع الكردي وخصوصاً العشائر
كانوا خلال العقود والقرون الماضية ذا اقتصاد مستقل ولهذه الحالة أهمية كبرى من
الناحية الحياتية والحضارية مشيراً الى ان المرأة الكردية أدت دوراً مهماً ومحورياً
في هذا المضمار إذ كانت الاعمال اليدوية من غزل وتلوين ونصب آلة النسج على عاتقهن
بالاضافة الى انعكاس مهاراتهن ودقتهن وذوقهن الفني في صناعة السجاد والفرش
والمنسوجات الاخرى.
وزاد المفتي "لقد كتب الرحالة
والمستشرقون الذين قدموا الى كردستان عن التراث الكردي وجلب انتباههم جمال المفروشات
والمنسوجات الكردية واشاروا اليها في كتبهم وقيَّموها تقييماً حالياً"
.
اشتهرت البسط الكردية كونها ذات نقوش بدائية
مستوحاة من طبيعة المنطقة الجبلية إذ لا نرى فيها هذا التعقيد الموجود حالياً
في نقوش السجاد أو البسط بل حتى عدد الالوان المستخدمة لا يتجاوز الخمسة وهو عدد
قليل اذا قورنت اليوم بعدد الالوان الداخلة في السجاد الحديث.
واستخدم الحائك الكردي أيضاً الالوان
الطبيعية مما أضفى لها تناغماً جعلها بالتالي افظل انواع المنسوجات وفي المقابل ازداد
الطلب عليها فأغلب السياح والاجانب يفضلون هذا النوع من البسط كونها تعد من أقدم أنواع
الحياكة.
مدينة اربيل في شمالي العراق تمتلك واحداً
من افضل معامل النسيج اليدوي في العراق ويعد انتاجها من السجاد علامة مميزة بسبب
الخبرة والمهارة والدقة التي تتصف بها أنامل العاملي. وقال مدير مراكز انتاج
السجاد اليدوي في اقليم كردستان العراق جابوك رشيد "هدفنا من
استمرار دعم بقاء المراكز مفتوحة ليس تحقيق الارباح المادية بل الابقاء على هذه الصناعة
كرمز تراثي وحضاري يشير للمنطقة". وأضاف "لكن هذا
لا يمنعنا من أن نعمل لايجاد منافذ تسويق خارجية وفي حال تحقق ذلك
فيمكن الحديث عن أرباح" .
وبدوره قال لولان مصطفى مدير متحف السجاد
اليدوي الذي تأسس قبل سنوات ويقع في أحد الابنية التراثية في قلعة أربيل
التاريخية ان المتحف يهدف الى إحياء هذا الجانب المهم من التراث الكردي الذي يعتبر ركناً
مهماً من الارث العراقي حتى لا يتعرض للزوال والاندثار كما يهدف الى جلب أنظار افراد
المجتمع ومثقفيه الى هذا الفن المهمش وهذه الهوية العراقية الكردية.
وفي خطوة منه للحفاظ على صناعة السجاد
والنسيج الكردي اليدوي من الزوال بادر متحف النسيج الكردي وبالتعاون مع منظمة أمريكية
في تبنى مشروع للحفاظ على مهنة الصناعات الكردية اليدوية.
وأوضح لولان ان "الصناعة اليدوية
الكردية انقرضت تماماً ونحن في متحف النسيج نعمل للحفاظ على الصناعات اليدوية الكردية مثل
صناعة السجاد والأغطية واللباد وكل ما يتعلق بالغزل والحياكة والنسيج الكردي"
.
وذكر ان أكثر من ألفي قطعة سجاد وأعمال
يدوية تعود لفن النسيج الكردي المحلي غادرت اقليم كردستان منذ عام 1992 الى مناطق مجاورة
لتواجه بعدها هذه الصناعة الشعبية خطر الزوال بعد عقود كانت فيها عنواناً للفولكلور الكردي.
وأضاف انه تم جمع أنواع نادرة من السجاد
اليدوي الكردستاني وبعض القطع من فنون النسيج الكردي ضمن اطار الحفاظ على هذا
الارث الشعبي الذي يشتهر به اقليم كردستان لافتاً الى أن أقدم قطعة لدينا موجودة سجادة
محيوكة في عام1800 . ويتكون المتحف من عشر غرف صغيرة تتوزع على
طبقتين في منزل قديم يعود تاريخه الى أكثر من 150 عاماً وينتصب داخل قلعة اربيل
التاريخية. وعلقت على جدران الغرف أنواع من السجاد كما افترشت أرضيتها بأنواع أخرى
صنع بعضها عام1954 . ويتراوح سعر السجادة بين مئة وخمسمئة
دولار وتكون عادة مصنوعة من الصوف الطبيعي الذي يتميز بجودته العالية في تلك المناطق.
ولاشك بأن السر الذي يكمن في اثراء السجاد
اليدوي وتصنيفها من المقتنيات الثمينة ينحصر في كون هذه القطعة النسيجية التي هي
بمثابة لوحة فنية رسمتها أنامل موهوبة بتقنية فنية رائعة لا تبغي من خلالها المرد
المالي هدفاً هي التي وضعت مكانة هذا العمل الذي ينخرط ضمن الفنون الاخرى.