الدكتور احمد
الكبيسي يشرع ويقنن زواج المسيار..
عواطف
عبد الحميد
مع
نمو ظاهر ما يسمى بزواج المتعة لدى المسملين الشيعة، نمت ايضا ظاهرة الزواج العرفي
، او اطلق عليه بزواج المسيار. هذا المقال يحدثنا بصورة مفصلة عن هذا النمط من
الزواج الذي انتشر لدى المسلمين السنة خصوصا في المجتمعات الخليجية وفي مصر والآن
في العراق. ومن ابرز علماء الدين الذي تبنو هذا النمط الجديد بل اقروه قانونيا، هو
الدكتور (احمد الكبيسي ) المشرف على
لجنة صياغة قانون الاحوال الشخصية في الامارات العربية . ومن المعروف ان
الاستاذ احمد الكبيسي هو مثقف وسياسي
ورجل دين عراقي من مواليد عام 1935 في محافظة الانبار لاسرة سنية محافظة معروفة
بتدينها على المذهب الحنفي ... ( ميزوبوتاميا)
ـــــــــــــــــــ
من جديد أخذت هذه
المشكلة( العنوسة) تطل برأسها علي الحياة في المجتمعات العربية ومن جديد عادت تظهر على الساحة، هذه المشكلة
التي اصبحت تمثل كابوساً. العنوسة مشكلة تؤرق مضجع الوطن، وتثير في النفس حزناً لا
يضاهيه حزن ، وتبعث في النفس شعورا بالأسي لا يوافقه شعور ، وتعمل جهات عديدة علي
العمل لحلها لأنها ليست مشكلة جيل بل مشكلة وطن ، ومما جعل هذه المشكلة تطفو علي
السطح من جديد تلك التصريحات الأخيرة التي أطلقها الدكتور أحمد الكبيسي رئيس
اللجنة المكلفة باعداد مشروع قانون الاحوال الشخصية في دولة الإمارات العربية،
بشأن السماح بتسجيل عقود (زواج المسيار) في المحكمة وفق شروط معينة ينبغي للزوج
والزوجة الالتزام بها، والتي أثارت ردود فعل واسعة في الإمارات العربية على نحو
خاص، وفي كافة مجتمعات الخليج والسعودية. وكان الدكتور (احمد الكبيسي) رئيس اللجنة
المكلفة باعداد مشروع قانون الاحوال الشخصية في دولة الإمارات العربية، قد أكد أن
المشروع يتضمن السماح بتسجيل عقود زواج المسيار في المحكمة وفق شروط معينة ينبغي
للزوج والزوجة الالتزام بها، مشيراً إلى أن "مواد المشروع اجازت تطبيقه بأثر
رجعي ما لم يصدررأي المجتمع السعودي في زواج المسيار.
وتوقع الكبيسي في تصريحات نشرتها صحيفة "البيان" الإماراتية مؤخراً أن
يأخذ المشروع دورته القانونية من المناقشة والعرض على السلطات العليا المختصة
ويجاز خلال مدة لا تتجاوز شهرين.
وأوضح انه بالنسبة لعقد زواج المسيار فقد ناقشت اللجنة شروط وضوابط اجازته وفق
اطار شرعي مستمد من تعاليم شريعتنا الاسلامية، وهذا العقد تتمتع فيه الزوجة بكافة
حقوقها الزوجية من ميراث وتلتزم بالواجبات الزوجية الا انه من حقها أن تتنازل عن
طيب خاطر عن بعض حقوقها في النفقة والسكن والمبيت.
ومضى الكبيسي قائلاً إنه لكي يسجل هذا العقد بالمحكمة فلابد
أن تتوفر فيه الشروط التالية:
أن يكون بمعرفة أهل الزوجة، وأن يباشر الولي العقد، وأن يتوفر فيه شرط الاشهار
المحدود، الذي يتضمن معرفة ولي الزوجة واهلها بهذا الزواج، غير أنه لم يشترط تنفيذ
شرط الاشهار الكامل لصحة الزواج.
أكد الكبيسي أن العقد مالم يكن مسجلا بالمحكمة فلن يتم الاعتراف به والسماح
باجازته مشيرا الى أن التسجيل بالمحكمة يوفر الغطاء الشرعي والقانوني لحماية حقوق
الزوجين مستقبلاً
زواج المسيار يحرم المرأة من حق المبيت والنفقة ويعرضها لغدر الايام.
أسباب انتشار زواج
المسيار
ويرجع
سبب وجود هذا الزواج إلى أسباب عديدة كما ذُكرت بعض الكتب التي تناولت هذا النوع
من الزواج بشكل مطول، من أن هناك بعض الرجال كثيرو السفر والتنقل بين البلدان
لظروف أعمالهم أو لتحصيل علمهم وحتى يعصموا أنفسهم من الوقوع في الخطأ يتزوجون
زواجاً شرعياً صحيحاً دائماً في البلد الذي يقيمون فيه مدة أعمالهم وتظل الرابطة
الزوجية قائمة حتى يعود إلى هذا البلد مرة أخرى.
وسبب آخر لوجود زواج المسيار هو أن كثرت عوائق الزواج، ومعظمها مما كسبت أيدي
الناس، نشأ وتسبب عن ذلك كثرة العوانس اللاتي فاتهن القطار، وعشن في بيوت آبائهن
محرومات من الحق الفطري لهن في الزواج وفي الأمومة، إضافة إلى المطلقات، وهن للأسف
كثيرات وإلى الأرامل اللاتي
مات عنهنّ أزواجهن
وخلفوهن وحيدات، أو مع أطفال كما أن الأوضاع في عصرنا قد أعطت كثيراً من النساء
فرصة ليكون لهن موارد من الكسب فكل هذه الأسباب أدت إلى شيوع نسبي لزواج المسيار
وقد أجيز هذا المشروع كحل جزئي لمشكلة تفاقمت وامتد أثرها ليشمل العالم العربي كله
وهي مشكلة العنوسة . ووفقا لدراسة رسمية نُشرت في الإمارات مؤخراً فإن عدد العوانس
قد وصل إلى 68%، أي أن في كل بيت إماراتي فتاة عانسًا، هذا بالإضافة لارتفاع نسبة
تأخر الذكور والإناث في الزواج، وعلى الرغم من ذلك يظل المجتمع الخليجي مكبلا
بقيود العادات والتقاليد التي تفرض شروطا باهظة لقبول العريس المتقدم. وأشارت
دراسة أجراها صندوق الزواج في الإمارات حول التوقعات المستقبلية للعزاب والعازبات
حتى عام 2015 في الفئة العمرية من 15-49 سنة زيادة عدد العزاب من الجنسين بشكل
ملحوظ. ووفقا لأبحاث أجراها مكتب صندوق الزواج بالإمارات فإن نسبة المواطنين في
الإمارات لا تتعدى 25%؛ وهو ما يعني أن عدد السكان قليل للغاية، وهذا يعكس أهمية
زيادة عدد السكان بتشجيع الزواج وتقليل معدلات الطلاق. ولا تقتصر هذه القنبلة
الموقوتة بالطبع على مجتمع الإمارات المحدود قياساً بدولة كبيرة مثل المملكة
العربية السعودية، التي امتدت إليها ظاهرة (العنوسة) لتشمل حوالى ثلث عدد الفتيات
السعوديات وذلك وفقا لاحصائية لوزارة التخطيط، التي أشارت إلى أن عدد الفتيات
اللاتى لم يتزوجن وتجاوزن سن الزواج اجتماعيا (30 عاما) بلغ حوالى مليون و 529
الفا و418 فتاة. وحتى في مجتمعات لا تبالغ كثيراً في متطلبات الزواج ـ قياساً
بالوضع في الخليج ـ مثل مصر فقد أشارت
الإحصائيات إلى أن
هناك اكثر من ثلاثه ملايين فتاه "عانس" تجاوزن سن الثلاثين عاما ولم
يتزوجن. ولا يمثل هذا التعديل التشريعي المزمع في الإمارات أول إجراء من نوعه
تتخذه الدولة هناك لمواجهة ظاهرة "العنوسة"، فقد سبق أن أصدرت قانوناً
يحظر علي بعض فئات مواطني الدوله الزواج من اجنبيات خاصه الوزراء والقيادات العليا
في كافة مواقع العمل المختلفه، واعضاء السلكين العسكري والدبلوماسي، وطلاب
البعثات الموفدين على نفقة الدولة، ويقضي القانون باعوظيفته وانهاء خدمته.
المعارضون : زواج متعة لا يسعى الى تكوين اسرة وبناء المجتمع. وفي السعودية نشر
استطلاع للرأي أجرته مجلة الأسرة وشمل 363 فتاة سعودية تم اختيارهن بطريقة عشوائية
لاستطلاع رأيهن في زواج المسيار فكانت النتائج كما يلي:-
(1) 80.98 % من الفتيات السعوديات يفضلن زواج التعدد المألوف على المسيار المستحدث
7.97 % يفضلن المسيار على التعدد
83.43 % يرين أن في زواج المسيار تشريداً للأطفال أو جناية عليهم 73.6 % يرين في المسيار إهانة للمرأة
وتهميشاً لدور الرجل. أما عن الأسباب الكامنة وراء انتشار زواج المسيار في نظر
الفتيات فإنني أرتبها حسب ما جاءت في الاستطلاع وهي :
(2) 1- رغبة الرجال في المتعة .
2- عنوسة المرأة أو طلاقها أوحاجتها إلى الأطفال .
3- عدم رغبة الرجال في تحمل المسئوولية ، أو عدم قدرتهم على ذلك .
4- غلاء المهور وارتفاع تكاليف المعيشة .
5- رغبة الرجل في التغيير .
6- رفض الزوجة الأولى لفكرة التعدد .
8- رغبة بعض الفتيات في عدم الارتباط الكامل بزوج .
9- عدم استقرار الرجل في مكان واحد بسبب العمل .
جدل المع والضد
وفي الأردن تباينت ردود الأفعال لدي عدد من رجال الدين والشرع والقانون في الموقف
من زواج المسيار . فالبعض يري أنه يهدم اسس الاسرة ولا يعني في محصلته النهائية
الا اشباعا للميول الغرائزية وذلك لخروج زواج المسيار عن السياق الشرعي الاسلامي،
بينما يري آخرون انه عقد زواج عاديا ارتضت المرأة وفق بنوده التنازل عن كثير من
حقوقها المقرة شرعا وبالتالي فهو غير باطل.
د. ابراهيم زيد الكيلاني قال: زواج المسيار مشتق من اسمه فالزوج لا يلتزم بحفظ بيت
الزوجية والانفاق على البيت والزوجة لا تلتزم بالطاعة والبقاء في البيت وبعبارة
اخرى حكمة الزواج المفهومة من قوله تعالى (وابتغوا ما كتب الله لكم) في انشاء اسرة
صالحة وابناء صالحين يرعاهم اب وام غير متوفرة في المسيار. ففي هذا الزواج يتفق
رجل وامرأة على الزواج ويستكملان سراً الشروط الشرعية من موافقة الطرفين بالعقد
وحضور شاهدين ولكن الشرط الاكبر وهو الاشهار يغيبانه وهو ركن عظيم فالزواج تتحقق
حكمته باقامة علاقة وميثاق غليظ بين الزوجين وبين اسرتي المرأة والرجل وداخل
المجتمع الذي يبارك اعلان واشهار الزواج.
عدم الاستقرار
وضيق اليد ابرز دوافع الرجل لزواج المسيار
الزواج في الاسلام عقد وميثاق غليظ وليس رباطا بين الزوجين فحسب بل بين الزوجين
واسرتي الزوجين وعشيرتهما وهذه الحكم غائبة في زواج المسيار الذي يقوم على اشباع
الرغبة الجنسية فقط بين زوج وزوجة يخشيان من اعلان الزواج ولكن يتم عقده بصوره مخالفة
للشرع بالاشهار ومخالفة للقانون بالتوثيق في المحكمة الشرعية. يقول الله تعالى في
كتابه الكريم: »فالصالحات قانتات« اي مطيعات ملتزمات بيوتهن بما حفظ الله اي بما
حفظ الله من حقوقهن فأين القانتات المطيعات الملتزمات بيت الزوجية الحافظات لغيبة
الزوج، واول شرط من شروط عقد المسيار انها لا تلتزم بطاعة الزوج وتخرج حيثما شاءت
وليس لها الا ساعة من ليل او نهار وموعد كموعد العشاق وهذه خطوة في هدم الاسر
والمجتمع والسير به على طريق الحياة الغربية والمجتمع الغربي القائم على تعدد
الاصدقاء والصديقات. وقد نبه القرآن الكريم الى ان الزواج رحمة ومودة وسكن بين
الزوجين كما انه توثيق وتعميق للروابط الاجتماعية بالاعمال والاقوال والنسب
والعهد. قال تعالى: »هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهرا« اي جعله ذا
نسب ذكوراً ينتسب اليهم وذوات صهر اناثا يصاهر بهم فأين النسب والمصاهرة والاسرة
والابناء.
إجحاف القوانين
وسطوتها أدت إلي انتشاره
ولعل من اهم الاسباب التي تؤدي الى ظهور هذه الانواع، هو اجحاف القوانين وسطوتها،
فقانون التنفيذ الجديد الذي يلزم الزوج بدفع المهر كاملا ونقداً عند طلبه من قبل
الزوجة، يدفع الزوج للهروب الى زواجات اقل التزاما من الزواج القانوني المعروف،
ومن الاسباب التي أدت الى ظهور هذه الأنواع هو كثرة الالتزامات المالية
والاجتماعية المطلوبة من الرجل لاتمام زواجه القانوني من مهر وذهب واثاث وولائم
وحفلات مما لا يستطيع احد تحملها، فاذا ما وجد طريقا اسهل سار اليه. ومن هذه
الأنواع الزواج المؤقت وزواج المتعة، فهذه الزيجات منها ما يصوب ويعود الى اصله
وهو التأبيد، ومنها ما يكون باطلا وحراما. اما ما يعرف بزواج المسيار، فلا اصل
لهذا الاصطلاح في كتب الفقه الاسلامي، الا ما ذكر في بعضها عن زواج النهاريات، وهي
ان يتزوج الرجل امرأة لا يبيت عندها ليلا بموافقتها المسبقة، فلا يزورها الا
نهاراً. ولعل لفظ المسيار يوحي بأنه زواج لرجل سائر في البلدان يتزوج ويطلق متى
اراد. ويفهم منه الناس ان زواج المسيار هو زواج سري شبيه بالزواج العرفي لا التزام
فيه ولا حقوق للزوجة ولا واجبات على الزوج. والامر ليس كذلك، فكل زواج استوفى
اركانه وشروطه كان صحيحا ويترتب عليه احكامه والتزاماته. فلا يظن من يلجأ اليه انه
يهرب من التزام مالي او اجتماعي كمثل الزواج العرفي، تربطهما ورقة دونت بالكتمان
لا علم لأحد بها، فاذا ما شب نزاع بينهما اتلف ورقته وانكر زواجه فلا حقوق ولا
واجبات. استوفي الشروط لكنه يسقط حقوق الزوجة. إذن الأمر هنا فيما يسمى »بزواج
المسيار« مختلف، فهو عقد استوفى أركانه وشروطه فيه مهر وفيه التزامات، إلا أن
الزوجة أسقطت بمحض اختيارها بعض حقوقها مثل الإذن للزوج بأن يبيت أين شاء، فأسقطت
حقها في المبيت، ومثل عدم طلبها النفقة من زوجها وذلك لغناها وفقره مثلا وغير ذلك
مما لا يؤثر في حكمة الزواج الرصينة. اما ما يعتقده البعض أنه زواج منسل عن الحقوق
والواجبات، سريع الانعقاد سريع الانحلال، فهذا اعتقاد خاطىء، وبالتالي وبعد أن
بانت صورته، فإن نسبته قليلة جدا حتى انها تعد على أصابع اليد الواحدة، فلا حاجة
لمثل هذا النوع من الزواج ولا فائدة منه، نعم.. بعض التجار الذين يسافرون كثيرا قد
يفعلونها، ويطلبون من الزوجة ان تعفيهم من الانفاق ومن المبيت او من أحدهما، وهذا
نادر الحدوث. لأن متزن العقل لا يقدم على فعل عواقبه غير مأمونة، وغير متزن العقل
يقدم على الحرام. إذن هو عقد لا علاقة له بالعلن أو الكتمان، لا علاقة له بتوثيق
العقد أو عدم توثيقه، لا علاقه له بالغاء الحقوق المالية المترتبة على عقد الزواج،
وبالتالي فهو عقد كباقي عقود الزواج.
الامارات اقرت زواج المسيار بعدما وصلت نسبة العنوسة الى 68 في المائة.
عاشقة من العراق القديم
مجرد اجتهاد من
المهتمين لحل مشكلة اجتماعية
المحامي محمود الخرابشة من الأردن قال :انه تم ابتداع هذا الزواج لمعالجة العنوسة
في بعض المجتمعات والحد من القضايا الاجتماعية التي اصبحت تظهر على السطح وتم
ايجاد هذا النوع من الزواج باجتهادات من بعض العلماء والمهتمين. بل هو مجرد اجتهاد
ورؤية لحل بعض المشكلات الاجتماعية بالذات في بعض المجتمعات، وهو بعيد كل البعد عن
ضمان حقوق الزوجية.
ومما سبق يتضح لنا محوران هامان هما استمرار اقبال الرجال والنساء وخاصة (ذوات
الفئات الخاصة من المطلقات والأرامل) على زواج المسيار بالمقابل نجد العكس ارتفاعاً
في نسبة العنوسة لدى الفتيات لذلك قد آن الأوان في البحث عن حلول عملية وليست
تنظيرية لتسهيل عملية الزواج وإعداد خطة لمساعدة الراغبين على الزواج. وبعد فالامر لا زال مطروحاً للتجربة
،ومرهوناً بعوامل عديدة قد توضح علي المستقبل القريب أو البعيد، هل سيحل هذا
الزواج مشكلة العنوسة؟ أم انه انه مجرد قفزة في الهواء غير محسوبة النتائج غير
مامونة العواقب ؟، الايام وحدها ستجيب عن هذه التساؤلات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ