(لغات
عراقية)
اللغة التركمانية والترجمة الحاسوبية
سلام ابراهيم كبة ـ بغداد
فتياة
بالزي التركماني العراقي
تمتلك اللغة _ أية لغة _ قداسة الكائن
البشري وبها يرتبط تميزه وارتقاؤه، والحزن على انقراض لغة ما لا يقل عن الحزن على
انقراض الجنس البشري.واللغة هي محور منظومة الثقافة والسلاح الذي نخوض به صراع
الحضارات والأداة الأساسية للحفاظ على الهوية والخصوصية الثقافية. وقد تأثرت اللغة
العربية، وهي السائدة والرسمية قانونا في العراق، باللغات التركية والتركمانية منذ
الفتح الأسلامي لآسيا الصغرى واستعانة الدولة الإسلامية بالقبائل القاطنة هناك
للجندية وتولي أمارة الجيش. وشاعت هذه اللغات وانتشرت في عهود السلاجقة
والمغول(الأيلخانيين) والعهد الجلائري والعهود التركمانية والصفوية والعثمانية.
تداخلت الكلمات بين هذه اللغات، فأقتبس العرب منهم الألفاظ الكثيرة كمعربات…وقد
بلغ عدد الألفاظ العربية المنتشرة في اللغة التركية مثلا 49، 7%.
اللغة التركمانية هي لغة الفئة التركمانية في العراق. وكانت أواسط آسيا مواطن
التركمان حيث سادت العلاقات القبلية أراضيهم ولم تجمعهم دولة قوية.ووصلت موجات
الشعوب التركمانية ميديا 800 سنة ق.م…ويمكن تحديد هجرتها في العهد الأسلامي 673
ميلادية فدخلوا جند الأسلام في عهد الدولة البويهية.. وتأسست الإمارات والأتابكيات
التركمانية في الموصل واربيل وكركوك وجبل حمرين وشيراز حتى عام 1258 ودخول المغول
الى العراق. وتأسست الدول التركمانية في العراق تباعا.
وعليه يعتبر تركمان العراق أحفاد ابناء القبائل التركمانية في هجراتها القديمة من
الشرق وبالأخص القبائل الياقوتية من شمال الصين الى بلاد ميديا والقبائل المغولية
في صولاتها الجنكيزخانية والتيمورلنكية والفتح العثماني للعراق.. وقد شكل التركمان
الخط الفاصل الديموغرافي بين الكرد والعرب.وتمركزت أكثريتهم في كركوك وطوزخورماتو
وكفري وداقوق وتازة وليلان وقزرلباط وخانقين والرشيدية. كما تعرضت القرى
التركمانية للتهجير القسري حالها حال القرى الكردية والآشورية مثل قرى بشير،
تسعين، يابجي، وكومبتلر.
آثر التركمان البقاء في صفوف الشعب العراقي مع تأسيس الدولة العراقية، وقد امهلتهم
عصبة الأمم اما الأنضمام الى قطاعات هذا الشعب او اللحاق بتركية.. وانقضت فترة
العامين مفضلين وحدة الشعب العراقي. وفي اول دستور للدولة العراقية عام 1925 جاء
ان العرب والأكراد والتركمان شركاء في الوطن. وساهم التركمان في انتفاضة تلعفر ضد
الأنكليز(انتفاضة قاج قاج) كما جرى قمعهم بقسوة أعوام 1924 و 1946 من قبل السلطات
الملكية والأنكليز وأرتكبت بحقهم المذابح.
أصدرت الحكومة العراقية عام 1931 قانون رقم(74)_ قانون اللغات المحلية. وتقرر
اجراء المعاملات والمحاكمات في المناطق التي فيها أغلبية تركمانية وعلى رأسها
اربيل وكركوك باللغة التركية ! اما الدراسة في المدارس التي يؤمها التركمان
فبالتركمانية…وقد استخدم تركمان العراق منذ تأسيس الدولة العراقية اللغة التركية
الحديثة أي لهجة(أسطنبول) في الأعلام من صحف واذاعة وفي مؤلفاتهم الأدبية الا انهم
استعاضوا الحروف اللاتينية في الكتابة بالحروف العربية(العثمانية) عموما.. ومع مرور الزمن في المدارس التركمانية !
وفي عام 1937 لم تبق مدرسة واحدة تستخدم اللغة التركمانية في العراق ! وتعرض الشعب
التركماني لحملات شوفينية من البعث العراقي وأعدم خيرة مناضليه.
ميزت الحركة الوطنية في العراق بين التركمان كقومية وبين الأحزاب والتنظيمات
السياسية.. وناضلت في سبيل حق الشعب
التركماني التمتع بحقوقه القومية والثقافية والإدارية وتطوير الديمقراطية وحماية
حقوق الأنسان وتكريس حكم القانون واقامة العراق الفيدرالي البرلماني التعددي
التداولي، ومقاومة سياسات جعل الحقوق القومية منفذا للتدخلات الإقليمية او الدخول
في لوحة الصراعات الإقليمية.
يمتلك التركمان لغتهم ويصنفها علماء اللغة ضمن عائلة اللغات التركية ويرونها أقرب
الى الأذربيجانية منها الى التركية الحديثة في وقت ينكر فيه الطورانيون المتعصبون
وجود لغات تركية ويرونها جميعا لهجات تركية معتبرين التركية الحديثة هي لغة
الكتابة والأدب. وتعتبر التركمانية في علم اللغة الحديث لغة مستقلة قائمة بحد
ذاتها من حيث البنى اللغوية والأدبية، وتتميز بخصوصيتها الفونتيكية والمورفولوجية
والمعجمية والسيميائية والأبجدية. وهي ليست لهجة للغة التركية الحديثة التي تمتلك
اكثر من سبعة لهجات اناضولية مع لهجات أخرى. وتنتمي التركمانية أصلا الى مجموعة
اللغات الأدرالية _ الألطائية(الألتائية) السائدة في شمال تركستان الصينية، وهي
لغة التصاقية بدأت بالانتشار منذ اكثر من 1500 سنة مع المهاجرين الى مختلف بقاع
العالم. ويتواجد اليوم في الصين 100 مليون نسمة من تركمان الأويغور.
وتضم المجموعة الألطائية اكثر من 66 لغة مستقلة في العالم. ويجمع التركمانية مع
هذه المجموعة ارث مشترك تعود بداياته الى القرن السادس الميلادي وتنتمي الى مجموعة
اللغات التركية التي يربو عددها اليوم على 20 لغة منها التركية الحديثة والآذرية
والأوزبكية والقوقازية والياقوتية والالطائية …والتركمانية بالطبع!
تختلف التركمانية عن التركية الحديثة بعدد حروف الأبجدية والفونوتيك وتصريف
الأفعال.. الخ. وتعود ارهاصات التركمانية الى القرن الثالث عشر ميلادي الى الشاعر
علي(1235)ميلادية. وراحت تستقل منذ ذلك الحين شيئا فشيئا وتكتسب ملامحها وخصوصيتها
وتتكلم بها فئات في العراق وسوريا وايران والأردن وتركية وتركمانستان وأفغانستان
وأوزبكستان.
قبل الأسلام تواجدت لهجتان شائعتان في اللغة التركمانية: كورك تورك والأويغور،
وبعد الأسلام تعددت اللهجات.
يتكلم تركمان العراق التركمانية التي تحتل موقعا وسطيا بين العثمانية والآذرية
والتي استخدمها الشاعر نسيمي البغدادي في القرن الرابع عشر الميلادي. وتختلف
التركمانية العراقية في لهجاتها. وتعتبر لهجة كركوك انقى اللهجات فأصبحت لغة الأدب
والثقافة التركمانية.اما تسمية التركمان فاطلقت بعد اعتناق الأسلام، وقبل ذلك أطلق
عليهم تسمية الأوغوز أو الغز أو الخوارزمية…
منطقة آسيا الوسطى حيث تنتشر اللغات
التركستانية. منذ آلاف السنين ارتبطت هذه المنطقة بالعراق تجاريا وثقافيا وسكانيا.
ودائما اتجه المبشرون العراقيون( اولا المسيحيون النساطرة ثم المانوية ثم
المسلمون) للتبشير والاستقرار في هذه المناطق.. وبسبب هذه العلاقات التاريخية
الحميمة استعان العراقيون العباسيون بالمحاربين التركمان من اجل مواجهة الحملات
الصليبية..
استهدفت القوانين العثمانية توطين القبائل التركمانية والكردية معا بمنحهم الحقول
وملكيتها التامة وتحجيم عريكة الرجال وابناء هذه العشائر لتدجينها. والتقاليد
التركمانية تركز على الشهامة والشجاعة في معارك القبائل والصيد " أنظر الشاعر
داوا لوغلو من طوروس 1785 _ 1865 ".وقد جهدت الحكومة التركية بقيادة اتاتورك
عام 1920 لوضع حد لسلطة الأسياد التركمان الصغار غير المحدودة وبقايا الإقطاع.لكن
الأغنياء الجدد حلوا محلهم بالقوة !
عند البحث في اصل اللهجات والكتابة التركمانية لابد من التطرق الى الملاحم التركية
قبل آلاف السنين مثل أسطورة قاره خان وملحمة أوغوزخان(209 _ 126) ق.م…وتشترك اللغة
التركية القديمة مع اللغة السومرية في أصل واحد مما يدل ان الأتراك من عنصر آسيوي.
وقد تطورت الأبجديات التركية كالتالي:
1. كوكبورو(كورك تورك): وتتألف من 38 حرف، وتكتب من الأعلى الى الأسفل وبأسطر
رأسية، أستخدمها أتراك الشرق تحت حكم الصين(630 _680)ميلادية.
2. الأويغور : استخدمها الأتراك قبل الأبجدية العربية وتتألف من 14 حرف فقط، وهي
أفقية تكتب من اليمين الى اليسار.واستبدلت الأويغورية بمرور الزمن بالخاقانية التي
تطورت الى جغتائية نسبة الى احد ابناء جنكيزخان. وكتبت بهذه اللهجة مؤلفات قيمة
منها كتاب(فوتاد غوبليك) _ علم السعادة _. وفي التركمانية الحالية 33 حرفا هي:
أ ب ب ت ث ج ج ح خ د
ذ ر ز ز س ش ص ض ط ظ
ع غ ف ق ك ك ل م ن و
ه ي ئ
وفيها الحرف الثاني من الحروف المكررة مشدد.
بعد قيام تركيا الحديثة واثر مؤتمر باكو 1926 ومشاركة شعوب تركية من اذربيجان وتركمانستان
وتركستان فيه، أقر المؤتمرون استعمال الأحرف اللاتينية.. وشرع في تطبيق ذلك عام
1928 في تركية. وظل تركمان العراق يستخدمون الأحرف العربية. وبعد انتفاضة آذار عام
1991 توسع التعليم بالاحرف اللاتينية في المدارس التركمانية في كردستان العراق
وتفتحت آفاق رحبة للاستنهال من ثقافات الشعوب الناطقة باللغة التركية الأم والتي
يربو تعدادها على 200 مليون نسمة في العالم التركي.
وللتركمان تأريخ حافل بالعطاءات الصحفية تمجد اصالتهم وعراقتهم وغنى تراثهم
وحضارتهم وثقافتهم وفولكلورهم. وفي سنة 1816 في عهد داود باشا ظهرت جريدة(جورنال
العراق) في مطبعة حجرية باللغتين العربية والتركية، وظهرت صحيفة(الحوادث) سنة 1911
في مطبعة صنايعي مكتبي في كركوك. ومن ابرز أدباء الجاغتائية الشاعر(علي شيرنوائي)
1441 _ 1501 وكتابه "محاكمة اللغتين"، والشاعر(بابور شاه) 1483 _ 1530
وديوانه "بابور ديواني "وكتابه "بابور نامه" وكذلك الأديب
السكاكي 1409 _ 1449.
الترجمة علم وفن
الترجمة هي استبدال مادة نصية في لغة بمادة نصية مكافئة لها في لغة أخرى.إنها
ممارسة لغوية هدفها العام نقل نص او رسالة مكتوبة او منطوقة من لغة طبيعية(Natural)
اولى هي لغة المصدر الى لغة طبيعية ثانية هي لغة الهدف بما يحقق للنص الفهم الكامل
من لدن من تتوجه اليهم…والترجمة الأدبية متخصصة في استعمالات اللغة استعمالا أدبيا
يعتمد الخيال، أما الترجمة العلمية فتعني اعتماد المنطق. وتتوزع الترجمة عادة على
الترجمة الكاملة والجزئية، الشاملة والمحددة، الترجمة الصوتية، الترجمة الخطية،
الترجمة النحوية والمعجمية، الترجمة الشفوية، الترجمة التعاقبية، الترجمة الفورية،
طريقة التلخيص والأختصار، الترجمة الحرفية، الترجمة بالمعنى، الترجمة بين لغتين عن
طريق وسيط لغوي آخر، الترجمة التداولية، الترجمة المتكافئة، الترجمة المتطابقة
شكليا…الخ. ويشترط التنظيم النصي للترجمة التداولية ثنائية القدرة اللغوية(Bilingual Ability)، وثنائية الرؤية الحضارية والثقافية.
الترجمة وسيلة علمية وعملية للتعاون والتفاهم والتفاعل بين الحضارات البشرية
وتراثها الثقافي الثر. والترجمة ليست عملا ميكانيكيا صرفا من لغة الى أخرى بل
ابداع واصالة وصدق وخلق جديد.وتقوم الترجمة بدور ثقافي كبير لتعميق التفاعل
الحضاري بين الشعوب والإطلاع على المنجزات الكبيرة في عصر المعلوماتية والتقدم
العلمي _ التقني.
تتلخص الشروط اللغوية للترجمة في معرفة المترجم اللغتين اللتين يتعامل معهما معرفة
كاملة من حيث المفردات والدلالات في مختلف السياقات والتعابير الاصطلاحية
والتراكيب النحوية وكيفية صياغة الجمل والأساليب التعبيرية !والشروط الموضوعية
تتلخص في المعرفة والإحاطة بالموضوع تحت الترجمة.
يوضح علم اللغة الحديث ان الحدث اللغوي، حتى في اللغة الواحدة يمر بعمليات ذهنية
معقدة. لكن الحدث الترجمياتي يتضمن ضعف ما يتضمنه الحدث اللغوي في اللغة الواحدة
من فعاليات إذ يتحتم على المترجم ان يكون متلقي و باعث في آن واحد ويدير بتحكم
عالي نظامين مختلفين للترميز الصوتي والنحوي والدلالي والثقافي فيفك بمساعدة
النظام الأول رموز النص الأصلي ويعيد بمساعدة الثاني تركيب النص الجديد بكل
مفاعيله الترميزية ويبثه نصا جديدا !وعليه تعرف الترجمة على أنها علم وفن.فتوصف من
حيث البناء المعجمي والقواعدي والصوتي بأدق الطرق العلمية وتنبثق كفن طالما ان
المعنى غير مبتوت فيه.
عرفت مصر الفرعونية وممالك بلاد الرافدين واليونان الترجمة.عرفها العرب وازدهرت في
عهد المأمون. وكان المترجمون يرافقون الجيوش إبان الفتوحات ولا غنى للقوافل
التجارية عنهم ! واحتاجت الكنيسة الى ترجمة الكتاب المقدس لنقل رسالتها الى الشعوب
الأخرى، وكذلك كانت حال الدعوة الإسلامية، فترجم القرآن الى جميع اللغات الحية
وحتى الى لغة الأسبيرانتو. واضطلع كبار الأدباء والشعراء والفلاسفة بنقل الآداب
والمصنفات العلمية الأجنبية الى اللغات الوطنية على امتداد عقود مضت لاسيما في
القرنين الأخيرين.
تدخل عوامل محددة في الترجمة بين اللغات تحافظ على الأنسياب اللغوي والصورة
اللغوية وحتى الجرس الموسيقي.. وهذه
العوامل هي : العائلة اللغوية، المستوى الثقافي والحضاري. والترجمة الحقة هي طلاوة
في الألفاظ وتساوق في التعبير وقوة في البنى والنفوذ الى الأغوار السحيقة. والذي
ينبغي ان تترك الترجمة لأهلها وأربابها.
الدراسات السوسيولسانية
التركمانية والترجمة الآلية
تحيي الترجمة الآلية _ الحاسوبية _والمبادلات الثقافية اللغات وتحميها من الاندثار..
وتسهم شبكة الانترنيت في تحديد مستقبل اللغات العالمية.. أما التطور الطبيعي للغات
كالتحاور والحوار الأعلامي وعبر شبكات الاتصال والمعلوماتية فانه يكتشف الاقتباسات
والاستعارات والمبادلات الألسنية التي تسهم في صناعة إنسان الغد.. ويتطور التواصل
اللغوي عبر النشر الإلكتروني والانترنيت ويتسع نطاقه. ويبدو ان المرحلة القادمة هي
الحوار مع الآلة نفسها عبر مختلف الوسائل بدل حوار الأنسان مع أخيه الأنسان عن
طريق الآلة.. ولا زالت الهوة
الرقمية تفصل بين العالم المتقدم والعالم النامي. وهي هوة تعبر عن نفسها في الهوة
اللغوية اي قدرات الترجمة الآلية.
حلقت الترجمة الحاسوبية في أجواء الحرب الباردة منتصف القرن العشرين ورافقت تطور
المعلوماتية الحديثة والنشاط الأستخباراتي والتجسسي.. واقتصرت منهجية الترجمة
آنذاك على النموذج النصي أي تفسير النصوص كلمة تلو الكلمة وخلفت مشكلة فك طلاسم
الترجمة الحرفية!
واستغلت إمكانيات خبراء اللغة واللسانيات في سبعينيات القرن العشرين بانطلاقة
برامج الترجمة الفورية…لاسيما في أروقة وميادين الأمم المتحدة والأرصاد الجوية
والصناعات الفضائية والتسلح والمنظمات غير الحكومية(NGOs)…ودخلت التكنولوجيا
الحديثة والعقول الإلكترونية والشبكات العصبونية(A.N.N.) والأنترنيت هذا الميدان
بعد الحاسوب.. وذهبت المؤسسات الرأسمالية الكبيرة تتنافس في سبيل الاحتكار
والاستئثار بالسوق الدولية.
سرع تطور العلوم والتكنولوجيا والمعلوماتية الحديثة من تأثر الآداب الاجتماعية
والعلوم في العالم بالثقافات العالمية السائدة.وكانت هذه الآداب قد أصيبت بحمى
الثقافة الأنغلومانية بعيد الحرب العالمية الثانية مع نمو الاستهلاك التلفازي،
وشيوع دكتاتورية الشاشة الصغيرة، وهيمنة الستلايت والأقمار الاصطناعية،
والأنترنيت.. وليحط السابير الأميركي في قاموسية المصطلحات العلمية والتجارية
والصناعية المتداولة في أرجاء المعمورة. وارتبطت الأنغلومانية بالعجرفة
الأرستقراطية والموضة بصرعاتها.وهي تنطلق أصلا من اللغة.. لكنها مهددة باختراق
لغات أخرى لمواقعها في الانترنيت! من هنا تبدو الأهمية الفائقة للترجمة الآلية بين
اللغات القومية المؤلفة للشعب العراقي الواحد ومع لغات الشعوب المجاورة واللغات
العالمية الأخرى الأمر الذي يستلزم التخلي عن فكرة ان الإنكليزية هي لغة العالم
الوحيدة، وتولي هيئات وطنية متخصصة للترجمة الآلية، ومراعاة معايير الأستخدام وليس
فقط معايير اللغة.
لازالت نصوص الترجمة الآلية الحديثة تشكو من ضعف الدقة والابتعاد عن لغتي الأدب
والشارع معا!هذا يخص اللغات المعروفة عالميا فكيف الحال مع اللغات العراقية غير
العربية ؟!وتتفوق الترجمة الحاسوبية التي تعتمد العنصر البشري على العقول
الإلكترونية التي فشلت في احتلال مكانة المترجم الإنساني.وتكشف الأبحاث المختبرية
صعوبة تعامل هذه العقول مع ثنائية اللغة / العقل والفكر الإنساني.ولازالت معالجة
النظم المعلوماتية للتعابير الجاهزة(مفردات، جمل، حكم وامثال) تراوح في مكانها..
رغم ان برامج الترجمة اللغوية باتت رائجة اليوم تجاريا.وتعاني هذه البرامج من
الأخطاء اللغوية الفاضحة.واللغة التركمانية من اللغات القومية الغنية بالمفردات
والفضفاضة في المعاني وتحتاج دائما الى التشكيل والضبط.. وتضم ملايين العبارات
الجامدة الغير قابلة للمعالجة او الترجمة الحرفية كالمترادفات والكلمات متعددة
المعاني حيث تتواجد اكثر من خمسة معاني وسطيا لكل مفردة لغوية.واللجوء الى الجملة
المركبة بدلا عن الكلمات المفردة كوحدة قياسية قابلة للتحليل والترجمة يواجه
مشاكله الخاصة أيضا لاسيما مشكلة المعنى وفهمه وإدراكه.
هذا يتطلب إحصاء آلاف الأساليب التعبيرية اللغوية لتضمينها في الأنظمة الخبيرة(Expert Systems) وهذا يشمل الصفات والظروف المكانية والزمانية مثلا. ويتطلب من
النظم الخبيرة وآليات المنطق المبهم(Fuzzy Logic) والذكاء الاصطناعي(Artificial Intelligence) ان تتظافر مع التقنيات الحاسوبية المتطورة وبالأخص أل(A.N.N.)
لتشكيل منظومة معلوماتية وافية عن المترادفات والأشتقاقات والتشابيه اللغوية
التركمانية ولمعالجة المواضيع.. كل في ميدانه المعني.. ولتسهيل تقطيع النصوص
وترتيبها وتبويبها وفق البيانات مسبقة الصنع "d
- base".
تيسر العادات اللغوية تعلم اللغات وتذلل تمييز الأصوات وبنية الكلمات وتركيب
الجمل.اما مظاهرها الأساسية فهي:
1- المورفولوجيا(Morphology) التي تعني ببنية الكلمة.
2- السينتاكس(Syntax) ويعني بتكوين الجمل.
3- الفونولوجيا(Phonology) التي تعني بالصفات الصوتية.
يعتبر الجذر اللغوي _ المورفيم _ المشار اليه أعلاه أساس ومحور علم الصرف اللغوي
وهو أهم واصغر جزء مشترك مفهوم في الكلمة الواحدة وتعتمد عليه الترجمة الحاسوبية
الى حد كبير.
تولي الترجمة الآلية الاهتمام الكبير بمضمون الدراسات السوسيولسانية في الترجمة
وبالأخص المعاني الزائفة والمقلوبة والتقابلات الثنائية : الدلالة/المعين.وتولي
الاهتمام بتعدد المعاني في القوائم المعجمية المتنوعة والقابلية للانخراط في أكثر
من مجال دلالي سيمانتيكي وكذلك الذهنية التصنيفية، حيث تقترن المفردات القاموسية
بالتصنيف(Classification).
يتوزع علم المفردات المعجمية في التركمانية، حالها حال بقية اللغات، الى ميادين
أساسية هي:
علمü
معاني الألفاظ(سيماسيولوجيا _ Semasiology)
علم العبارات الأصطلاحية(ü فريزيولوجيا _ Phrasiology)
علم الأشتقاقات(أتيمولوجيا _ Etymology)ü
لا يقل العمل القاموسي شأنا عن الأعمال القواعدية والبلاغية
والأدبية اللغوية. ووجب الجمع بين المضمون المعجمي التقليدي الوضعي والمفردات
الدارجة دون الابتذال.وفي جميع اللغات ومنها التركمانية سلسلة مستويات هي:
المستوى المعجمي، ويتعامل معü المفردات اللغوية.
المستوى النحوي، ويجمع الوحدات
الشكلية.ü
المستوىü الدلالي السيمانتيكي.
تربط المفردات دلاليا في المستوى الدلالي وتطبق فيه القواعد التحويلية(Transformational) بعد مقارنة المستويات المناظرة بين اللغات التي تجري بينها
الترجمة. والسيمانتيكا هي احدى المركبات السيميائية – عنوان نظم العلامات
والأشارات(السيميوتيكا) الى جانب السينتاكس الذي يهتم بالجزء القواعدي والسمات
العامة للجملة، والبراغماتيكا التي تهتم بمنافع ربط الكلمات وتكوين جمل مفيدة.
ويسهم التحليل السيميوتيكي في الدراسات السوسيولسانية اللغوية والترجمة الآلية.
تطورت أنظمة الترجمة الحاسوبية مع تطور الإستراتيجيات اللغوية. وامتدت المرحلة
الأولى حتى أواسط الستينات من القرن المنصرم وسادتها أنظمة الجيل الأول التي اختصت
بالترجمة النصية.وامتدت المرحلة الثانية حتى أواسط السبعينات وفيها تطورت النظريات
والمعالجة السيمانتيكية. وامتدت المرحلة الثالثة حتى أواسط الثمانينات وتطورت فيها
صناعة الترجمة الآلية وتقنية التحليل السيمانتيكي الا أنها لم تشهد النماذج
السيمانتيكية الصنعية(Artificial) لكنها كرست المحاكاة
والتخاطب الحاسوبي وتفاعل الأنسان مع الآلة. وظهرت الأنظمة الخبيرة وتقنيات الذكاء
الاصطناعي في المرحلة الرابعة التسعينية من القرن العشرين.ويستند المشروع الياباني
للجيل الخامس على ادماج الترجمة الآلية مع الكمبيوتر.ومن اشهر النماذج
السيمانتيكية في علاقات اللغة – الحاسوب لغة الأسبرانتو العالمية وقواعد فيلمور.
وتحضر في الترجمة الآلية أيضا الأواصر الأهليليجية العابرة او الانتقال الفجائي _ Ellipsis
_ التي تعني بالانتقال من صيغة لغوية الى صيغة أخرى بمعقولية لا تشترط وجود رابطة
منطقية لغوية. وكذلك الشجرة الأعرابية أي قانونيات النحو وقواعد المعالجة
السيمانتيكية. وفي الترجمة الحاسوبية تحضر أيضا التناصية بقوة كجزء من التحليل
السيميوتيكي لتجعل كل نص عبارة عن لوحة فسيفسائية من الاقتباسات تتشرب وتتحول من
نصوص سابقة أخرى.
تواجه الترجمة الحاسوبية بالتركمانية مفارقة دقة تعدد المستويات لتقديم النص من
حيث الجوهر والتركيب والمعالجة السيمانتيكية وتأمين التشفير اللازم للمعاجم
الضخمة. ولم تعد الطرق اليدوية في الصياغة السيمانتيكية اليوم مقبولة في الأنظمة
المعقدة الكبيرة.وساعدت الترجمة الآلية بالتركية الحديثة الترجمة الحاسوبية
بالتركمانية لانتمائهما الى مجموعة لغوية واحدة، الا ان الأخيرة تواجه معضلات شتى
منها ان الكتابة بالتركمانية لا زالت غير موحدة وتراوح بين الحروف العربية
واللاتينية. والكتابة بالحروف العربية هي السائدة في أكثر المناطق التركمانية
العراقية الا ان دائرة الكتابة باللاتينية تتوسع بأضطراد مع الانتشار التلفازي
والأقمار الصناعية والأنترنيت بحكم التأثير التركي.
منذ استخدام الكمبيوتر في الترجمة عام 1946 وحتى يومنا هذا تطورت سبل وآليات
الترجمة الحاسوبية وأنظمتها، وذاكرتها الفعالة، وسعة خزنها في المدخلات(Inputs)
والمخرجات(Outputs)، واللغات المستخدمة وبالأخص لغات الذكاء
الاصطناعي والمنطق المرن، وسرعة اداء العمليات(عملية/ثانية)…وتتولى الترجمة
الحاسوبية اليوم الحواسيب الجيبية النقالة والحواسيب الشخصية والحواسيب الضخمة.
الخلاصة والتوصيات
الترجمة الآلية بالتركمانية إنجاز وجب دعمه بكل الإمكانيات الضرورية لأنه يعزز من
وحدة الشعب العراقي بقومياته وأقلياته وهذا يتطلب إشاعة ثقافة السلام والاستقرار
والأمان والديمقراطية وثقافة حقوق الأنسان والمؤسساتية المدنية. ورعاية الترجمة
الآلية بالتركمانية تستوجب تأمين الحقوق الثقافية والدراسية للتر كمان واحترام
آراءهم ومعتقداتهم الدينية.
تتمثل عناصر القضية التركمانية في التنكر لخصوصيات التركمان العرقية والحيلولة دون
إفساح المجال لتطوير شخصيتهم القومية ومحاولة تذويب هويتهم وفي القمع الموجه
تجاههم. وتتلخص أحقية القضية التركمانية في حقوق الأنسان، حق المواطنة، نسبتهم
السكانية، التنوع القومي والمذهبي وانحسار مفاهيم الأكثرية والأقلية، النضال ضد
الدكتاتورية والأنظمة الشمولية، الموقع الجغرافي. ويعاني التركمان من مواقف سلبية
منها: النظرة الأقلية، التأثير التركي، الطائفية، النافذة الكردية، الانعكاسات
الآيديولوجية، دور النفط ومشكلة كركوك.
القضية التركمانية في العراق ذات طابع مستقل وجزء من قضية الشعب العراقي وبناء
الوطن الحر. وليس لأي طرف حق الوصاية على القضية التركمانية والتصرف بها وتحديد
إطارها الحقوقي سوى حكومة المركز في بغداد! هذا يستدعي إقامة مجلس الشورى
التركماني المحلي المنتخب الذي يتخذ الإجراءات التشريعية اللازمة لرعاية واحتضان
اللغة التركمانية وتأمين الحقوق الإدارية والثقافية …ويستلزم إقامة العراق
الديمقراطي الفيدرالي الموحد.
رعاية الترجمة الآلية بالتركمانية
فيü العراق وكردستان على كافة
المستويات وخاصة المجمع العلمي التركماني ومنابر تدريس التركمانية المختلفة.
تنشيط الأعلام المرئي والسمعي
بالتركمانية.ü
تعضيدü دور جمعيات وروابط واتحادات الترجمة والمترجمين
والاهتمام بالمترجمين التركمان وحقوقهم المهنية وتوحيد الجهد المشترك لرفع شأن
مهنة الترجمة.
رعاية أقسامü التعليم التركماني واستخدام الحاسوب في تعليم
التركمانية للمبتدئين والأجانب.
ü تنظيم منح إجازات فتح
مراكز الترجمة الآلية بالتركمانية باستخدام الحاسوب والأنترنيت.
ـــــــــــــ
** الكاتب مهندس استشاري في الطاقة الكهربائية.