من معالم
اربيل وتراثها الشعبي. .
نبيل قصاب ـ
هولندا
لقد تطورت مدينة اربيل في الادوار التاريخيه التي مرت بها
حتى امتدت البيوت السكنيـه الى المناطق التي كانت تحيط بالقلعه الاثريه. وامتد
العمران وبدءت الاحياء بالظهور مثل (العرب - التعجيل - طيراوه - خانقاه) وبعد ذلك
توالت الاحياء الجديده بعد السبعينيات مثل (سيطاقـان والاسكان وسيداوه وازادي
وكوران وشورش وزانياري وروناكي ومنتكاوه وكاني والعلماء واحياء الشرطه والمهندسين
والاقتصاديين و۷ نيسان وبرايتي و۲۹ و۹۹ والمعلمين).
وبعد التوسعات الاخيره بعد
الانتفاضه عام ۱۹۹۱ وشق طرق جديده في المدينه وتوزيـع الاراضي على كافة شرائح
المجتمع. توسعت احياء ومحلات واسواق المدينه اكثر واكثر. وفي مدينة اربيل اضافة
الى القلعه الاثريه هناك معالم اثريه اخرى في هذه المدينه الموغله في القدم حيث
كان هناك جامع اربيل الذي بناه السلطان مظفرالدين كوكبري والذي اطلق عليه اسم
(مسجد به نجـه) ولم يبقى من ذلك الجامع سوى اسسه ويرجح المؤرخون ان تكون مئذ نة
ذلك الجامع بقايا المناره القديمه القائمه الان في الجهة الغربيه من المدينه
والمعروفه ب (منـارة جـولي) التي ترتفع زهاء ۳۷ متر وهي مشيده بالاجر والجص
ومزينـه بزخارف تضاهي بوجه عام زخارف منارة (سنجار) وزخارف منارة الجامع النوري
(الحدباء) في الموصل ومنارة داقـوق وتقوم منارة جولي على قاعده مثمنه ولها بابان
مغلقان يفضي كل منهما الى سلم ويوجد في بطـن المنارة اسطوانه يدور حولها السلمان
اللذان يدخل المرء اليها من البابين المذكورين وتبلغ درجات السلمين ۱۳۲ درجه من كل
جانب لا التقاء بينهم الا في نهاية المناره بحيث يمكن لشخصين ان يصعدا دون ان يرى
احدهما الاخر الاعند الوصول للنهايه. وكانت هذه المناره ترتفع ٤٥ متر قبـل ان تضرب
الجزء العلوي منها صاعقه اقتصت من طولها حوالي ۸ امتار. اما محيط قطرها فيصل الى
۲۱ قدمـا.
ويمكن الاهتمام بهذه المناره وجعلها معّلم جذب سياحي ويجب التفكير في الاستفاده
منها وعـدم تركها على حالتها. والمعّلم الاثري الاخر هو (تل قالينج اغا (ويقع على
الطريق المؤدي الى مدينة كركوك وهوتـل اثري واسع يشمل حوالي) ۳۰ الف متر مربع
(وتدل اللقى السطحيه المنتشره على التـل كالفخار وغيرها على ان الموضع تم
الاستيطان فيه منذ عصور ماقبل التاريخ ولاسيما من الالف الخامس ق. م وفي التل وجد
فيها عددا من القبور اسفل ارضيات الدور وتميزت هذه الدور بما وجد فيها من حلى
الخرز من الاحجار الكريمه وشبه الكريمه مثل حجر اللازورد والعقيق وقليل من الحلى
الذهبيه.
والسوق الكبير سوق القيصريه في
مدينة اربيل قديما جدا والسوق شامل ويعتبر المركز الحيوي للتجاره للتجاره وتبادل
البضائع اضافة الى التسوق اليومي للمواطنين. وفي سوق القيصريه اثارتاريخيه قيـّمة.
وللسوق اكثر من عشرة مداخل مثل مدخل سوق القصابين في شارع باتا والصياغ عند سوق
الهرج القديم والحرفيين بالقرب من جامع الحاج نوري والتنكجيه والبزازين والنجاريـن
ومدخـل عند باب القلعه.
يمكن القول ان حياة اكثر الناس ممن عملوا في السوق بدءت وانتهت هناك وعملوا باخلاص
وجديه وعملوا جميعا على التعاون
والعمل المشترك بعيدا عن الغش والتفرقه وحققوا بين البائع والمشتري الثقه في
التعامل وارتبطوا بعلاقات عائليه وثيقـه. هكذا كان السوق القديم يلتقون يوميا مـع
بعضهم واحيانا كانوا يتبادلون الزيارات في المحلات لشرب الشاي ثم يلتقون في اوقات
الصلاة في المساجد المنتشره في السوق مثل جامع الحاج نوري والجامع الكبير
والنجارين. هكذا كان ولا يزال الناس في هذا السوق طيبون ولرزقهم قانعون وبسطاء في
كل شيء.
اهل راوندوز
الذي يزور المدينة عليه فقط التجول في هذا السوق لشراء كافة
احتياجاته من البهارات واللحـوم والخضراوات والاواني المنزلـيه والاقمشه والذهب
والفضه والماكولات الشهيه. وكل شيء متوفر على مدار السنه. وهناك لوحات متميزه في
السوق مثل قهوة الاسطه خليل الذي يفتح مع ساعـات الفجر حيث ياتي الناس للراحه وشرب
الشاي قبيل البدء بالعمل. حيث ياكلون التشريب عند الاسطـه فؤاد الذي ورث المهنة من
والده الاسطه اكرم الذي كان هوالاخر قد ورث المطعم من والده الحـاج سليمان
قاورمجي. اوبعضهم جاء من محل كريم بابجي. هذا السوق زاخر بالذكريات الحلوه وتـم
تصوير عشرات الافلام والتمثيليات فيه. ومنذ زمن قريب كان الحراس الليليون يحرسون
تلك السوق والمحلات مقابل ثمن شهري بسيط وهم يتجولون مع الفوانيس لانقطاع
الكهرباء.
سوق القيصريه تاريخ كامل
تقريبا عن مدينة اربيل وعمل شخصيات بارزه ووجهاء المدينه. فـي مراحل تطور المدينه
كل حسب مهنته وحرفته. ومن ابرز الادباء والفنانين الحاج جميل قبقابجـي والحاج فائق
بازركان والحاج حيدر البقال وفاضل قصاب وبهجت حلوب القصاب وهناك لا يزال من يعمل
في السوق مثل بكر ملك الصائغ ونجاة التونجي واخرون.
كان ولايزال السوق
يتزين بشكل جميل عند الاحتفالات والمناسبات وخصوصا ايام شهر رمضـان المبارك ويوم
المولد النبوي الشريف وايام الاعياد وتكون هناك حركه كثيفه في السوق وتنشـط الحركه
التجاريه من البيع والشراء وياتي الناس من كل صوب ومـن القرى المجاوره للمدينه
للتسوق. وتبقى هذه السوق مزدهره لاستيعاب باب رزق للالوف من ابناء مدينة اربيل
وتبقى القلعه والمنـاره وسوق القيصريه رمزا تاريخيا للمدينه وشاهدا على تاريخ
وحضارة المدينه.
قلعة اربيل هي احدى القلاع
التاريخيه القديمه وبقيت الى يومنا هذا مؤهله بالسكان وقد صمدت لمرات عديده في وجه
الغزاة في عصور تاريخيه وحاولوا تغيير ملامحها الا انها استطاعت ان تبقى شامخه.
تعد القلعه في مدينة اربيل ابرز المعالم الاثريه في العراق والمنطقه. والقلعه تشغل
مركز المدينه وتلتف حولها بقية المناطق والمحلات السكنيه بصورة دائريه تقريبا.
فرضت موقعها وشكلها تاثيرا كبيرا في اتجاه النمو والتوسع في تحديد المركز المدني
(التجاري والاداري) والسكني والنقل والمواصلات. عندما نتحدث عن مدينة اربيل يعني
القلعه وملامحها التاريخيه والعكس صحيح اذ لايجوز الحديث عن احدهما واهمال الاخر
المدينه بقلعتها يرتبط مع بعضهما البعض ارتباطا وثيقا لا مجال للانفصام و لا
الانفصال. بالنسبه لتاريخ بناء القلعه ليس هناك تاريخ محدد او بالاحرى لايوجد مصدر
ثابت يؤكد على تحديد تاريخ بنيانها اذ ان اغلب المصادر تذهب الى ان هذا التل الاثرى
الواسع (القلعه) يقوم فوق تراكم طبقات اثريه كثيره تمثل مستوطنات متعاقبه منذ ان
قام اول مستوطن فوق مايسمى بالارض البكر في زمن لايعلم امتداده وتحديده. زار مدينة اربيل الكثير من الباحثين
والرحاله ومكثوا فيها حينا من الدهر وخلال اقامتهم كتبوا الكثير. ومن بين هؤلاء
المؤرخ ياقوت الحموي الذي زار المدينه مرتين وكتب عن سوق القيصريه الشهير وعن
سكانها. حيث وصف المدينة في كتابه المشهور (معجم البلدان) وصفا دقيقا وعن القلعه
يقول الحموي : ان القلعه تقع على تل واسع وقلعةاربيل اكبر واوسع رقعه من قلعة حلب
(سوريا) اما القلعه فقد كانت مدينة كامله فيها اسواق ومنازل وجامع للصلاة وكذلك
كانت فيها مدرسه تسمى بمدرسة القلعه. ومن الضروري ان نشير الى ان القلعه هذه كانت
محاطه بخندق عميق حيث اثار هذا الخندق باقيه حيث يصف (ريج) القلعه عندما زار اربيل
عام ١۸۲۰ حيث كتب :
تقع على سفح الطنف الاصطناعي وعلى
الجانب الجنوبي منه خاصة وفيها حمام واحد وخانات واسواق. و يقع قسم من المدينة فوق
الطنف ويسمى هذا بالقلعه. وكانت الخرائب تحيط بها وهي اكوام من الانقاض كانقاض
بغداد القديمه وكانت بقايا السور والخندق ظاهرة. وعلى هذا الاساس يبدو ان هذه المدينة
(اربيل) كانت فيما مضى واسعه جدا وربما بسعة بغداد الحاليه على حد قول (ريج).
للقلعه بوابتان احداهما البوابه الجنوبيه وتشرف على الميدان ويفصل القلعه عن سوق
القيصريه والتي بناها مظفرالدين كوكبري والثانيه البوابه الشماليه (الاحمديه).
اما الاحياء السكنيه فتتالف
القلعه من ثلاثة احياءسكنيه رئيسيه هي السراي والطوبخانه التكيه. وعن مساحتها
فاتها ذات شكل شبه دائري حيث ترتفع حوالي ٤١٥ مترا عن ستوى سطح البحر وحوالي ۳٦
مترا عن سطح المدينة وتشغل مساحة ارضيه قدرها ۱۰۲۱۹۰ مترا مربعا. وعلى الرغم من
الظروف الصعبه التي مرت بها القلعه عبر تاريخها الطويل الا انها بقيت محافظه على
كيانها كمكان لاغلب الفعاليات البشريه و قلعه حصينة من الصعب فتحها ويؤكد هذه
الحصانه ان اربيل لم تخضع لفاتح الا بصعوبه واقدم اشارة الى ذلك مانقله (ابن واصل)
عن صمودها امام الا تاباكي (عمادالدين زنكي) مؤسس اتابكية الموصل حين حاصرها سنة
٥٢٦ للهجرة محاولا ضم هذه المدينة الى امارته. وعن هذه الحصانه يقول (القزويني) :
ان هذه القلعه كانت من الحصانه بحيث عجز المغول عن افتتاحها مع انهم ما فاتهم شيء
من القلاع والحصون. وقد هجم المغول سنة ٦۳۰ للهجره / ١٦۳۳ ميلاديه اثر وفاة
السلطان مظفرالدين كوكبري وجوبهت بمقاومه شديده. ومن ثم مرة اخرى عام ٦۳۰ للهجره/
١٦۳٧ ميلاديه وانذاك اعتصم الاهالي داخل القلعه وقام المغول بالعبث ونهب السكان
وتخريب الدور واحراقها وقتل مالايحصى منهم واخيرا تركوا المدينة وغادروها. ان
الاهتمام الجاد بقلعة اربيل العريق واعداد خطط وبرامج لتطويرها امر في غاية
الاهميه لاسيما ان هذه القلعه تعد من اقدم القلاع التاريخيه الاثريه ولكونها ايضا
واقعه في مدينة تعد من اقدم المدن تاريخيا.
ان تطوير القلعه وواقعها يعكس تماما تطوير واقع المدينه على ان يكون هذا التطوير
مبني على اسس ودراسات عمرانيه تراعي الجوانب الاجتماعيه والاقتصاديه والسياحيه لكي
تكون مدينة اربيل وقلعتها العريقه منطقه مثاليه رائعه يشّد اليها الرحال من
كافةارجاء المعموره.
الخوريات التركمانية في اربيل
اطفال من اربيل بالزي التركماني
الشعبي
المنقبة النبوية
المنقبة هي تراث ديني يقوم بوصف ومدح الرسول (ص) وذكر سيرته
النبويه. وتدار حلقاته منذ عصور قديمـه حيث ان السلطان مظفرالدين كوكبري اول من
قام بتشجيع و ادارة المناقب النبويه في اربيل وخاصة في شهر المولد النبــوي. قراءة
المولد النبوي من العادات القديمه في العراق بين جميع الاقليات ولكن في المنطقة
الشماليـه بشكل خاص هناك مجموعات واشخاص ارتبطت اسمائهم بالابداع في هذا المجال
وعادة تتكون مـن ثلاثة اشخـــاص او اكثر. احدهم يعزف او بالاحرى يدق على طبل مصنوع
خصيصا لهــــذا الغـــرض اضافة الى الدفوف (الدف) المصنوع من جلد الاغنام ويجلد في
لوح خشبي مدور ويضاف حلقـــــات حديديه صغيرة الحجم على مدار اللوح الخشبي من
الداخـــــل. عادة تقام المناقب (الموّ لد) اثناء مراسيم الزواج اي مساء قبل يوم
الزواج حيث يحضر الا هــــــل والجيران والاقارب والمدعوين وتبدء بقراءة ايات من
سور القران الكريم وثم الدخول فـــــــي الفقرات الجميله حيث تكون على وصلات
وتتخلل المواـــد قراءة الخوريات على شكل (الكرم) والمحــــاوره والمقابلـــه بين
افراد المجموعـــه وتختتم ايضـــا بالدعاء والصلوات. واكثر المطربين كان لديهـم دور
كبير في هذا المجال ومشاركة الفرق امثال شهابا وحيدر البقال والحاج جميل القبقابجي
والحاج فائق بازركان ونورالدين عسافلي واخرون.
هناك اسماء لا يمكن نسيانهم او
تعويضهم امثال المرحوم عبدالله دف زان وملا جرجيس ابراهيـــــم وسيد اسماعيل وملا
صابر وملا عبدالالــه وزاهير القصاب وملا عزالدين وملا قاره مان والاخوييـــــن
سمير ونو زاد اسعد فيتر وملا حسيب وملا امير. وابدع المرحـــوم القاضي رشاد المفتي
وهو من طلاب الازهر في القاهره بكتابة قصائد المولـــــــد النبوي الشريف باللغه
الكرديه في اربيل وتم ترجمتها الى اللغه التركمانيه ايضا. وكان دائمـا علــى راس
المدعوين في المناقب والمجالس الخاصه والعامه لتقديم ارشاداته وخطبه في هذا
المجـــال لمعرفته الواسعـــه. وتقام المناقب النبويه ايام المولد النبوي الشريف
والليالي الرمضانيه في جميع المساجد واكثــــــر المحلات والاسواق. حيث يقوم اهالي
اربيل بتزيين محلاتهم والجوامع بالانوار وتوزيع المشروبـــــات والماكولات والحلوى
مجانا بهذه المناسبـــه ويجتمع الناس بكثره في هذه المناسبات والاحتفالات.