اسمها "حلبجه " وهي عزيزة على قلب كل عراقي، ويسميها الكرد هلبجه
بالهاء، وهي بلدة جبلية حسنة الموقع والعمران، غير مكتضة بالسكان (وقد يقال في
تسميتها بأنها كانت تسمى " حله " في عهد الإمارة البابانية التي كان
مركزها مدينة السليمانية في القرن الثامن عشر ثم سميت " حلبجه " أي طفلة
حله او "الحلة الصغيرة " تمييزا لها عن " الحلة" شقيقتها
الواقعة على الفرات).
وقد عانت حلبجة في ثمانينات القرن الماضي، من ويلات الحرب العراقية
الايرانية، حيث قصفت بالسلاح الكيمياوي. وحتى الآن لم يعرف إن كانت قد قصفت من قبل
الجيش الايراني ام العراقي، وكذلك لم يعرف ابدا عدد الضحايا، فالبعض يعتقد انهم
بالعشرات ومعظمهم من المقاتلين، والبعض يعتقد انهم بالآلاف ومعظمهم من المدنيين.
حتى الآن لم يجري أي تحقيق دولي وجاد في هذه القضية. وظل حتى الآن المصدر الوحيد
لها هو الخبر المصور الذي عرضه التلفزيون الايراني في اثناء الحرب. وهذا ما سمح
بالكثير من المزاودات وعمليات غسيل الدماغ من قبل الاطراف المعنية والقوى
العالمية؟!!
حلبجة مدينة جيدة المناخ، كثيرة البساتين والأثمار، وتشرب ماء الينابيع
الذي يسيل في جنباتها كما هي عيون الجنة. وتقع بقرب الحدود الإيرانية، وهي جاثمة
على سفح "جبل هاو رمان " في نهاية سهل "شهرزور" على مسافة 76
كيلومترا من السليمانية الواقعة الى الشمال الشرقي عنها.
لقد بدأ اهتمام السلطة العراقية بالبلدة منذ العشرينات فانشات فيها صرح
للحكومة تجاوره ثكنة للشرطة الخيالة، ودائرة للبرق والبريد ويقابله مستشفى كبير،
ومدارس متعددة . وقد توسعت خلال سنوات الخمسينات وخططت شوارعها التي تخترقها من
الشمال الى الجنوب فتقوم على جانبيه المباني الحديثة، والعمارات والمقاهي
والحوانيت العديدة. وحلبجة مقر "رؤساء قبائل الجاف "الكردية العتيدة
ولهؤلاء فيها قصور تجمع بين حسن معمارها وجمال فن الريازة العراقية،كما إنها مركز
حاصلات جبال هاو رمان، وفي اكثر دورهـا حدائق لطيفة، وفيها قيساريات روعيت فيها
التقاليد القديمة ومساجد وخانات وحمامات تنتسب كلها او أكثرها الى عثمان باشا
الجاف الذي كان قائم مقاما لقضاء حلبجه سنة 889 1 م وتروي سجلات الحكومة العراقية
لسنة 1947م إن نفوس هذا القضاء "93" الف نسمة.
ومن توابع حلبجه قريتان كبيرتان مهمتان هما " بياره " و "
طويلة " وفي القرية الأولى مدرسة دينية مشهورة يقصدها طلاب العلم من القرى
البعيدة والقريبة في كردستان للتعلم. وللقضاء ثلاث نواح : "خورمال، و "
وارماوه " و " بنجوين ".
" ناحية خورمال " : ومركزها القرية المسماة باسمها القائمة على
بعد 10 كيلومترات من الشمال الشرقي لحلبجه، وهي قرية ريفية بها بعض معالم التحضر.
وكانت تسمى من قبل "كلعنبر" وقد ورد هذا الاسم أي كلعنبر" في رخامة
في أعلى مدخل مصلى قديم فيها من زمن السلطان سليم الثاني العثماني التي تعود لسنة
1729م كما هو مسطور على الرخامة.
ناحية وارماوه " : مركزها قرية جميلة تبعد زهاء 30 كيلومترا من حلبجه
غربا يقال لها " فقي جنه " وفيها ما في "ناحية خورمال " من
معالم حضارية، ودور حديثة بنيت خلال الأربعين عاما الأخيرة.
"ناحية بنجوين " : بنجوين وهي بليدة تقع على الحدود الإيرانية
وفي سفح هضبة " شاني حاج شيخ " المحيطة بثلاث جهات منها، تبعد عن
السليمانية 104 كيلومترات في شماليها الشرقي وعن حلبجه 74 كيلومترا، وفيها بساتين
كثيرة وحدائق كبيرة، وعمارات حديثة نوعا ما، وثلاث السواق واسعة، ويتوسطها واد
يجري فيه جدول عذب يسمونه "هرزاركاينان " وقد بدا الاهتمام بها كمدينة
حدودية منذ العشرينات وانشات الحكومة فيها صروحا إدارية، وفتحت شارعا رئيسيا يصل
بينها وبين السليمانية. أما سوقها الكبير فتنتظم فيه الحوانيت الملآى بالحاجات
الضرورية، وأما منشآتها فافخمها السراي ثم دار البلدية، ودوائر الدولة و قيساريتان
واسعتان، وثلاثة مساجد تقام فيها الصلوات الخمس، ومدرسة دينية أهلية ومدارس وعدة
فنادق. واكثر العمارات في بنجوين أملاك الشيخ محمود، الزعيم الكردي المعروف،صاحب
المناقب والسمعة الطيبة لدى المجتمع العراقي. وما تبقى هو لرؤساء الجاف، وكانت
معقل الشيخ الحصين حتى 23 نيسان 1927 م بعد ان سقطت بيد قوات الحكومة وانضمت الى
الوحدات الإدارية في لواء السليمانية وبالإجمال ان بنجوين من قرى الاصطياف
العامرة.
وعلى الإجمال فان تلك البقعة من شمال العراق الغالية على قلوب جميع
العراقيين بعربهم وأكرادهم هي قطعة من جنان الخلد التي تبشر بمستقبل واعد في
النهضة الاقتصادية من خلال موارد السياحة المناخية وكذلك الخدمات الحدودية مع
إيران.