كركوك مدينة الأخوة والاصالة
سالمة
العبيدي/ كركوك
تعتبر مدينة
كركوك واحدة من أعرق وأقدم المدن العراقية، حيث وجدت فيها آثار من الحقبة الآشورية.
وقد تعرضت كركوك الى الاحتلال الايراني واليوناني وغيره من الاحتلالات التي مرت
بالعراق. وبحكم تاريخها العريق ومركزها الهام، فأنها احتوت على كل التنوعات
السكانية العراقية، من تركمان وعرب وأكراد وسريان وأرمن، وفيها مسلمين ومسيح، وسنة
وشيعة ويزيدية وكاكائية. ولازالت اللغة التركمانية هي السائدة في مدينة كركوك
وبالذات في القلعة، حيث يتكلم التركمانية حتى المسيحيين.
ثمة مقومات
حقيقية لقيام السياحة الدينية والترفيهية والآثارية، وفي مقدمة تلك
المقومات قلعة كركوك التي تعد أحد أهم الاماكن التاريخية في مدينة كركوك،
والتي يمكن استغلالها وجعلها مزاراً حقيقياً لمعظم الذين يقصدون المدينة. كما
تشتهر كركوك بعدد من الاسواق الاثرية، التي تميزها عن مثيلاتها في معظم محافظات العراق، ويقصدها
آلاف الزوار للتبضع في المناسبات والاعياد وحتى في الايام الاعتيادية، كما
تضم مدينة كركوك العديد من المراقد والمقامات للأئمة والصالحين، اضف الى ذلك
مناخها الاعتيادي في معظم أيام السنة..
قلعة كركوك
تقع قلعة
كركوك في مركز مدينة كركوك، وتعتبر من أقدم أجزاء المدينة وتعود آثارها
الى الحقبة الآشورية. ويمكن القول ان هذا المستوطن العالي المسمى الآن
بقلعة كركوك كان يشتهر منذ اواسط الالف الثاني قبل الميلاد بأسم (ديمتوكرخي شيلواخو)
أي (قلعة مدينة بني شيلوا) التي سميت بأسم حاكمها الحوري القديم (شيلوا تيشوب).
هذه القلعة بنيت في عهد الملك الآشوري (آشور ناصر بال الثاني) بين عامي 850 و884 قبل
الميلاد، حيث اتخذها الملك كخط دفاعي
وأحد مراكز جيوشه، من بعده بنى الملك سلوخ حائطاً دفاعياً
قوياً حول القلعة، وشيد 72 برجاً حول شوارعها الاثنين والثلاثين
ومدخليها.
واثناء حملته
العسكرية قام القائد المغولي تيمورلنك بزيارة هذه القلعة عام 1393م. بنيت قلعة كركوك في الاصل على تل مدور ذي أربع زوايا، يرتفع عن السهول
المحيطة به بحوالي 120 قدماً، ويشرف على وادي نهر صغير ذي مياه قليلة، يفيض عادة
في الفصول الماطرة، ويعرف بنهر الخاصة، وعلى ما يظهر فأن هذه القلعة كانت مسورة في
العصور القديمة، وكان لها أربعة أبواب، سماها العثمانيون بالباب الرئيسي ذي
المدرجات، وباب الطوب، وباب البنات السبع، وباب الحلوجية. وتتميز القلعة بنوع فريد من
العمارة إذ أن أغلب بنيانها من الحجر الابيض والجص وطرقاتها معبدة بنوع من الطابوق يسمى
(الطابوق الفرشي)..
أشهر المجمعات السكنية
في قلعة كركوك كانت تقع في قسمه الغربي، الذي اشتهر بمحلة حمام، حيث شاطر فيها
المسلمون اخوانهم المسيحيين لقرون عديدة، وكان كل من مركز مطرانية باجرامي وجامع
النبي دانيال يقعان في نفس المحلة..
يقول أياد طارق مدير آثار
كركوك: ان القلعة تضم مواقع ومراقد بارزة، أهمها: مقام النبي
دانيال(ع)، ومرقد النبي حنين(ع)، ومقام النبي عزير(ع)، كذلك تضم الكنيسة الحمراء،
التي تعد من أبرز المعالم القديمة للقلعة. كما تتميز القلعة بوجود
النقش الفسيفسائي على جدرانها القديمة. كما تضم القلعة عدة جوامع، منها الجامع الكبير،
وجامع فضولي، وجامع عريان، وجامع حسن باكيس.
وتمتاز قلعة
كركوك بأن فيها عدداً من البيوت القديمة التي اشتهرت بأسماء أصحابها
مثلا: بيت طيفور، وبيت عبدالغني، وبيت صديق علاف، وبيت سيد فاتح، وبيت ميكائيل
وبيت توما.
وعن امكانية
استثمار هذا التراث الكبير في القلعة عن طريق السياحة، يقول مدير الآثار:(يمكن جعل قلعة
كركوك موقعاً سياحياً متميزاً بعد اجراء العديد من عمليات الاعمار عليها، ونحن قمنا
في العام الماضي بعدد من اعمال الصيانة وحفر بئر)..
ويضيف السيد
أياد طارق: في عام 1997 أجرت دائرتنا مسحاً جيولوجياً وتنقيبات جديدة في القلعة نجم عن ذلك اكتشاف
بوابة كبيرة تؤدي بسالكها الى مدينة تقع تحت هذه القلعة لكن توقف العمل بعد أن
فرضت الحكومة بعدم فتح الباب الا من قبل متخصصين في مجال التنقيبات والاكتشافات
الاثرية في العراق..
قشلة كركوك
قشلة كركوك
بناية قديمة كانت المقر العسكري للقوات العثمانية في مدينة كركوك، بنيت القشلة حسب السالنامات
العثمانية سنة 1863، وتقع في مركز مدينة كركوك وتبلغ مساحتها 24282 متراً مربعاً.
وكلمة القشلة كلمة تركية تعني المكان الذي يمكث فيه الجنود. وقد قامت مؤسسة الآثار في
كركوك بإجراء الترميمات عليها وأصبحت القشلة تستخدم مركزاً ثقافياً
ومتحفاً.
قيصرية كركوك
قيصرية كركوك
هو سوق قديم يقع الى الجهة الجنوبية من(قلعة كركوك)، وقد شيد هذا السوق كمركز
تجاري لتسهيل عمليات البيع والشراء لسكان مدينة كركوك في
العهد العثماني عام 1855 واعيد تعميره عام 1978. يتميز هذا الصرح الاثاري
بدقة صناعة بنائه، حيث شيد على أساس الاوقات، إذ يحتوي على 365 دكاناً ترمز الى
عدد أيام السنة، و 24 فرعاً ترمز الى عدد ساعات اليوم، و 22 غرفة صغيرة في طابقه
العلوي كأشارة الى عدد أشهر السنة، و 7 ابواب اشارة الى عدد أيام الاسبوع. لم يكتف
معماريوا السوق بذلك بل هداهم خيالهم الخصب الى ان يجعلوا أحد المداخل السبعة
تستقبل الشمس حين تشرق ومدخل اخر يودعها حينما تغيب.
استقطب السوق أرباب
الحرف المختلفة وزبائنهم، فقد شغل دكاكينه: البزازون، العطارون، النساجون، الخفافون،
الخياطون، صباغوا الاقمشة والغزول والاصواف، وباعة المفروشات.
كما يتميز
السوق، كباقي الابنية التاريخية والتراثية في كركوك معمارياً بأقبيته وأقواسه وعقوده
وزخارفه، ومن أبرز خصائص قبة هذا السوق تخفيف القوى الضاغطة على الجدران، وبالتالي
على أساس البناء، وتعلو سطح القيصرية قبب مسطحة في منتصف كل منها فتحة سقفية لأغراض
الاضاءة والتهوية، أما الاقواس التي تزين مداخل السوق ودكاكينه فهي من الجص أو
من الرخام المدبب، القيصرية، هذه مثل أية بناية تاريخية وتراثية في كركوك لاتخلو من
الزخارف التجميلية ورسوم وأفاريز.
قلعة جرمو
هي المنطقة الاثرية الواقعة في أسفل جبال
زاكروس شرقي مدينة كركوك، وتعتبر جرمو من أقدم التجمعات الزراعية في العالم، ويرجع
تاريخ استيطانها الى 700 سنة قبل الميلاد، وهي من أقدم قرى العصر الحجري الحديث،
الذي تم التنقيب عنها، وجرمو تحوي 100 - 150 شخصاً كانوا يقطنون 20 بيتاً مصنوعاً
من الطين حيث مارس سكان جرمو الزراعة بطريقة بدائية، وكانوا يربون الحيوانات
الداجنة. ومن المعالم والمزارات والمراقد الدينية في كركوك:
جامع النبي دانيال
شيد على قبر
يعتقد بأنه يضم رفات النبي دانيال، ويقع المسجد ضمن قلعة كركوك، ويحتوي
المسجد على قبتين وثلاث منارات، اضافة الى اقواس واعمدة يرجع طراز بنائها
الى عهد المغول، تبلغ مساحة المسجد 400 متر مربع ويحتوي على أربعة أضرحة يعتقد انها
تعود الى: دانيال، وحنا، وعزرا وميخائيل... ويدفن أهالي كركوك من المسلمين
والمسيحيين وحتى اليهود قديماً موتاهم بالقرب من الجامع تبركاً وحباً واحتراماً
للنبي (ع).
مرقد الامام سلطان ساقي
يقع هذا
المرقد في منطقة تسعين الواقعة في الجنوب الغربي من مدينة كركوك، والواقعة
ضمن مقبرة لأهالي المنطقة ولنفس العادة كان الكركوكيون يدفنون موتاهم الى جانب
هذا المرقد تبركاً بالامام سلطان ساقي أحد أحفاد جعفر الطيارإبن عم النبي محمد (ص)
الذي فرَّ الى هذه المنطقة من ظلم العباسيين، ويعتقد البعض ان في مرقد (سلطان ساقي)
ضريحي، ساقي واخته سلطانة وكلاهما من أحفاد جعفر الطيار من أخوة الامام علي بن ابي
طالب (ع). وهناك عشرات المراقد والمزارات الاخرى، ويقول الشيخ حبيب سمين رئيس ديوان
الوقف الشيعي في مدينة كركوك: تعد السياحة الدينية أحد الروافد المهمة في اغناء
بلدنا العزيز ومنها مدينة كركوك، ونحن نستطيع من خلال المزارات والمواقع الدينية
المنتشرة في كركوك بناء قاعدة جيدة للسياحة الدينية والترويج لها عن طريق وسائل
الاعلام فاضافة الى ما ذكرناه، يوجد في منطقة داقوق مزار ومقام الامام زين العابدين
الى جانب وجود مرقد الامام (الهادي بن موسى الكاظم) عليهما السلام.. اذ تطوع
احد الخيرين من أبناء النجف بتوسيع وبناء المرقد الشريف وقد وصلت التقديرات لانجازه
مليار دينار وسوف يتم انجازه في فترة قريبة، يتم استلامه من قبل لجنة في الوقف
الشيعي في كركوك.
ان كركوك ليست
فقط معالم سياحية ومقامات ومراقد دينية
بل تاريخ موغل في القدم وهي جزء من حضارة العراق، وهي مدينة النفط ففيها حقل بابا كركر وحقول جمبور وباي حسن
الجنوبية والشمالية، وحقل افانا وحقول الخبازة وحقل جبل بور، وعشرات الحقول الاخرى
المنتجة وغير المنتجة، وفي منطقة بابا كركر ظاهرة غريبة، وهي اشتعال النار نتيجة
خروج غازات من الارض لوجود تكسرات في الطبقات الارضية للحقل النفطي تسمى (النار
الازلية) وهي مشتعلة منذ أكثر من خمسة آلاف سنة.
هناك آراء
مختلفة في أصل تسمية المدينة، احدى النظريات تقول ان تسمية كركوك أتت
من الكلمة التي استخدمها الآشوريون (كرخاد بيت سلوخ) التي تعني المدينة المحصنة.
أما تسمية بابا كركر فقد ورد بصيغة كوركورا، وكوركورك. في كركوك نهر (خاص جاي)
ويقسمها الى شطرين كما يمر بها نهر الزاب (من أهم روافد نهر دجلة) .